كثير من تياراتنا راحت تلقي زهور الشعارات على محيا المرأة الخليجية وأن الحياة تقوم على المساواة بين الرجل والمرأة في العمل السياسي وأن كثيرا من التيارات الإسلامية في الكويت كانت تروج أنها مع حقوق المرأة وراحت تخلط ما بين ما تتبناه من أفكار بشرية بالطرح الإلهي، وراح من يروج بعدم جواز مشاركة المرأة في الترشيح أو الانتخاب وازدادت الآراء كازدياد أكياس الطحين، فراح من راح يلوي عنق التاريخ كي يفوز بموقفه من سلب هذا الحق، وهناك من رفع عقيرته مقتطعا "النص" ليكرسه في صالح رأيه، وهناك من بانت نواجذه وعروق رقبته في فزعة غريبة من أن المرأة الكويتية ليس لها هذا الحق، وهكذا استمرت العملية كل يوم تذهب امرأة خليجية إلى صناديق الاقتراع والمرأة الكويتية جالسة واضعة يدها فوق خدها تنتظر إنصاف القوم وكانت الثقافة السائدة أنه من حق الرجل ولو كان أميا أن ينتخب ويرشح نفسه وقد يفوز بأكثرية الأصوات وإن لم يكن يجيد فك الخط وليس من حق المرأة المشاركة ولو كانت ذات كفاءة عالية وملتزمة بدينها وقيمها الأخلاقية. البعض قال إن الرفض كان براغماتيا بحتا خوفا من تشتت الأصوات وتغير المعادلة والبعض قال: إنها لأجل احتكار الموقف ضمن الإطار الحزبي لخروج عدد كبير من النساء من وصاية الأحزاب وهكذا.
المهم بعد كل ذلك هو ما فعلته الحكومة الكويتية عندما اختطفت المبادرة وعلقت الجرس متحدية كل الأصوات التي أرادت أن تحتكر الترافع عن المرأة ونجحت في الموقف واستطاعت أن تلعب في الملعب الديمقراطي بعقل منفتح وبرجل ذهبية فسجلت الهدف التاريخي في يوم تاريخي وهو اكتساب الحق السياسي للمرأة الكويتية، ولو ناقشنا الأدلة التي يتوكأ عليها البعض فقهيا فهي غير كافية، فالبعض يتمترس وراء حديث هو ليس محل اتفاق من أن الرسول عندما سمع أن قوما من فارس ملكوا عليهم امرأة، قال: ما أفلح قوم ولتهم امرأة. فكما قال المرجع الديني السيدمحمد حسين فضل الله في كتابه الفقهي "دنيا المرأة"، "فهذا القول جاء في ظل خاص ولا يوجد حديث غيره يؤكد ذلك"، كما أورد السيد تفصيلا في حق المرأة في تولي السلطة. راجع المصدر ص .119
كان يوم الإقرار بحق المرأة الكويتية في المشاركة ومن قبل مجلس الأمة، يوما تاريخيا سعد به العالم الإسلامي من المحيط إلى الخليج، وهو يوم لا ينسى، وهو يوم نصر المرأة، وخصوصا المرأة الكويتية والتي عرفت بريادتها في شتى ميادين العلم والثقافة والسياسة. من حق الآخرين أن يرفضوا ومن حقنا أن ننتصر لهذا الحق، لكن ليس من حق أحد فرض رأيه على الجميع وخصوصا أن القضية محل تجاذب من قبل فقهاء كل المسلمين بين رافض ومتحمس ووسط. حقيقة، الحكومة الكويتية سجلت موقفا كبيرا ويوما ديمقراطيا، ونتمنى أن يأتي اليوم الذي تفوز فيه المرأة الكويتية وتترافع عن الملفات الوطنية لحقوق المجتمع الكويتي
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 989 - السبت 21 مايو 2005م الموافق 12 ربيع الثاني 1426هـ