كثير من النواب يقومون بدور الحكومة في مجلس يفترض أن يراقب الحكومة لا أن يترافع عنها! إذ قاتل عدد من النواب في جلسة أمس من أجل أن يمنعوا تعديل المادة "148" الخاصة بالاستجواب، إذ كان التعديل ينص على إجراء الاستجواب في المجلس وليس في اللجان، إلا أن عددا من النواب رفضوا هذا التعديل رفضا قاطعا، مبررا بعضهم ذلك بأن التجربة لم تنضج بعد.

موضوع نضج التجربة ذكرني بحوادث التسعينات عندما اشتدت الحركة المطلبية التي تطالب بإعادة الحياة النيابية، وكان عدد من الصحافيين والكتاب يرفض هذه الحركة مبررا ذلك بعدم نضج الشارع البحريني وان الحياة البرلمانية لم يحن وقتها، ويحتاج ذلك إلى وقت طويل! وعندما قاد جلالة الملك المشروع الإصلاحي بإرجاع الحياة النيابية، خفتت تلك الأصوات وصارت تهرول لإعداد العدة لدخول الحياة البرلمانية التي كانت قبل فترة وجيزة ليست صالحة، لأن الشارع لم ينضج! لست أعلم ما المقصود بالنضج، وماذا نحتاج لكي نوفر هذا النضج... هل نحتاج فرنا ذا نار عالية كما عبر النائب جاسم عبدالعال؟ أم نحتاج إلى تدخل جلالة الملك حتى في اللائحة الداخلية حتى يصبح تغييرها مشروعا؟ لنؤكد ملكيتنا أكثر من الملك، وهو الذي حث مرارا وتكرارا على أن يستخدم النواب صلاحياتهم التشريعية والرقابية بالأدوات التي يمتلكونها.

يبدو أن من النواب من لا يجرؤ على تغيير مقعده الذي اعتاد على الجلوس عليه طوال ثلاثة أدوار، لا أن يغير مادة في اللائحة الداخلية، ولست أدري ما الذي سيحدث عندما يقدم مقترح التعديلات الدستورية، الذي أكد جلالة الملك أيضا استخدام النواب صلاحياتهم في التعامل معه.

يبدو أن النضج الذي يتحدث عنه البعض مفقود فعلا، ولكن هم من يفقدونه، وهم أول المحتاجين إليه، لأنهم لم يستوعبوا بعد أنهم سلطة تشريعية ورقابية، والحكومة سلطة تنفيذية، معتقدين بأنهم موظفون لدى الحكومة، ويترافعون عنها خوفا من "الفنش" لذلك هرع بعضهم أيام مناقشة موضوع التجنيس إلى مكتب الحكومة مهرولا لا بحثا عن ما يدين الحكومة في هذا الموضوع وتقديمه إلى لجنة التحقيق، بل بحثا عن ما يثبت براءتها، ولست أدري من الذي يحتاج إلى هذا النضج! التجربة أم أولئك النواب الذين يسعون إلى تقليص صلاحياتهم، بدلا من رفع سقفها، وهذا لم يحدث في مجلس النواب البحريني الذي يفتقر بعض من فيه إلى النضج