اختار المخرج الاسرائيلي عاموس جيتاي للمرة الاولى تصوير فيلم في بلد عربي ليشكل الاردن خلفية لفيلمه "فري زون" "منطقة حرة" الذي يحلم من خلاله بمنطقة شرق اوسطية تسقط فيها الحدود والحواجز الجغرافية والذهنية.
والفيلم الذي تشارك في بطولته النجمة الاميركية ناتالي بورتمان والذي عرض يوم الخميس الماضي ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي، يعكس ايضا الحلم بمنطقة تحتل فيها المرأة المكانة التي تستحقها وتمارس دورها كاملا.
يروي فيلم "منطقة حرة" مسار ثلاث نساء مصممات على تولي زمام حياتهن، وهن اسرائيلية "حنة لاسلو" وفلسطينية "هيام عباس" واميركية شابة من اصل يهودي "ناتالي بورتمان".
وقال جيتاي في مقابلة مع وكالة "فرانس برس": "انها اول مرة اصور قسما كبيرا من فيلم في بلد عربي"، مضيفا ان التجربة اعجبته واثارت حماسته الى حد انه يود القيام بالامر نفسه ربما "في مصر او في دولة مغربية".
وقال المخرج الذي سبق ان صور "ارض الميعاد"، وكأنما في اشارة موجهة الى السلطات الاردنية، انه "سيكون من دواعي سروري ان اشاهد العرض الاول لفيلمي في الاردن"، ما سيشكل في حال تحقق سابقة بالنسبة إلى دولة عربية.
وقال جيتاي ان السلطات الاردنية وافقت على كل طلباته بخصوص التصوير، بما في ذلك التصوير في سوق السيارات الضخم في المنطقة الحرة على مقربة من الحدود العراقية والسورية والسعودية.
وتشكل هذه المنطقة الحرة خيطا يربط وقائع الفيلم، على خلفية فكرة ان التجارة والعلاقات اليومية والانسانية يمكن ان تقرب الشعوب اكثر من المبادرات الدبلوماسية.
واوضح جيتاي ان "هذه المنطقة التي تجري فيها كل صفقات السيارات في الشرق الاوسط تركت في نفسي انطباعا قويا بعيدا كل البعد عن تصورنا الدائم لتلك المنطقة كمنطقة اسلاك شائكة وحدود وحقول ألغام وحقد، الى حد انني جعلت منها نقطة الانطلاق للفيلم".
بعد اصابة زوجها بجروح، تغادر حنة "إسرائيل" متوجهة الى "المنطقة الحرة" لتتقاضى ثمن سيارة مصفحة سلمها الزوجان.
وتوافق حنة على اصطحاب اميركية بائسة خارجة من ازمة عاطفية، لتلتقي في نهاية المطاف فلسطينية غامضة ومتحفظة، تقول لها ان المال غير موجود هنا.
ومن خلال حبكة الفيلم، يقول جيتاي ان الكل في هذه المنطقة يحمل جروحه، وفي مقدمهم الفلسطينيون طبعا الذين يعانون من النزوح والوعود الكاذبة منذ قيام "اسرائيل" العام 8491.
غير ان الاسرائيليين ايضا يعانون من احباطات. فحنة وزوجها اضطرا الى الانتقال الى صحراء النقب بعد انسحاب "اسرائيل" من سيناء العام 2891 وبعد ذلك فشلت كل محاولاتهما لمزاولة مهنة جديدة سواء بسبب أزمة او بسبب حرب. وتوضح حنة بخيبة امل ان "الامر الوحيد الذي يمكن التأكد منه في "إسرائيل" هو الانتفاضة والحرب".
ويوضح عاموس جيتاي ان سيناريو الفيلم تأثر بأحاديثه مع ناتالي بورتمان التي مثلت دور الملكة اميدالا في "حرب النجوم" "ستار وورز".
فالممثلة التي ولدت في القدس من والدين يهوديين كانت "تبحث الى حد ما عن هوية" وقد بدأت تتعلم العبرية والعربية، وهي عناصر نجدها في شخصية ريبيكا التي تجسدها.
ويراهن فيلم "منطقة حرة" على الناس العاديين والنساء عوضا عن الشخصيات المهمة لدفع عجلة السلام في المنطقة.
ويقول المخرج "اعتقد ان ثمة هزيمة للسياسة وخصوصا للرجل السياسي والجنرال وزعيم الحرب الذين تسببوا في اضرار كبيرة. والنساء الثلاث في الفيلم ببعدهن الواقعي واليومي قد يتمكن من ابتكار شكل مغاير من العلاقات"
العدد 989 - السبت 21 مايو 2005م الموافق 12 ربيع الثاني 1426هـ