ما من شك في أن عالم اليوم تغير على نحو عميق، فاختلفت الأوضاع السياسية عما كانت عليه في منتصف القرن الماضي، ولم تعد مكانة الدول تقاس بحجمها الجغرافي أو بتعدادها السكاني، وإنما بتوجهها السياسي وتفاعلها الإيجابي داخل "الأسرة الدولية".
لقد تغيرت موازين القوى في النظام العالمي وتعاظمت آثار العولمة التي اختصرت المسافات وأسقطت الحواجز الايديولوجية والجغرافية والسياسية، وسادت العلاقات الدولية "نظرة جديدة".
فترشيح قطر للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن "خطوة دبلوماسية ذكية"، لكنها خطوة "مثقلة"، إذ خرجت الدوحة عن المألوف العربي حينما استعانت بـ "إسرائيل" لدعم ترشحها. ولعل قطر أو غيرها تعتبر مسئولة عن تصرفاتها، وحرة فيها، لكن الخروج عن الصف العربي، وتحدي مشاعر المسلمين هما نقطة الجدل. ثم إن سياسة تمثيل "قارة كبرى" بمقعد واحد دائم وآخر غير دائم ساذجة، فنحن لا نتقن أدوار الضغط على "الدول العظمى الصديقة"، كما أننا لا نملك قرار تغيير مصير شعوبنا.
قضية قطر وخروجها عن المألوف ليست استثناء إذا ما وضعناها في ميزان التحركات المماثلة من قبل بعض الدول العربية، إذ ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن الرئيس العراقي جلال الطالباني التقى أخيرا مع شخصية عسكرية إسرائيلية سلمته رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، مشيرة إلى أن الطالباني حمل المبعوث رسالة جوابية، مؤكدا فيها أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستشهد تطورات إيجابية في العلاقات بين "إسرائيل" والعراق بشكل رسمي، بما في ذلك اعتماد ممثلين دبلوماسيين في كلتا "الدولتين".
ترى من يقف وراء هذا المد التطبيعي الذي يوشك أن يجر كثيرا من الدول العربية، ولماذا تسعى الأنظمة العربية لتوطيد العلاقات مع الصهاينة، وهي علاقات ترفضها الشعوب بقوة؟
كل ما سبق، لا يمنعنا من الشعور بـ "الاعتزاز" بالأداء الناجح والتحرك المنظم للدبلوماسية العربية، الذي مكننا من سماع شكر الشعب الفلسطيني لنا لأننا "آزرناهم" و"شددنا على أيديهم" في قضيتهم، فهنيئا لنا
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 988 - الجمعة 20 مايو 2005م الموافق 11 ربيع الثاني 1426هـ