لطالما كانت مادة "المرأة" في منطقة الخليج قضية دسمة تتناولها وسائل الإعلام المختلفة كونها مادة مثيرة للجدل محددة بعدة إطارات رسمت تبعا للحدث السياسي أو الاجتماعي.

ومنذ زمن اعتدنا نحن معشر الصحافيين الخليجيين على التقارير أو الأخبار المنسوبة لبعض وكالات الأنباء العالمية التي تتناول حوادث في المنطقة بصورة تبعد فيها الدقة في التناول أو السرد المقتضب عن تاريخ دول المنطقة وخصوصية كل منها.

للأسف هذه التقارير مرة تصيب ومرة تخيب اعتمادا على مدى اطلاع المراسل أو مندوب هذه الجهة على الموضوع وابعاده التاريخية بالنسبة على مستوى المنطقة.

وقد يكون يوم احتفلت فيه المرأة الكويتية بحصد حقوقها السياسية ديمقراطيا منذ أيام قليلة هو خبر أثلج صدورنا كنساء، ولكن أن تتسابق هذه الوكالات ومن بعدها بعض الفضائيات العربية التي تبث من مقار في منطقة الخليج وتدار برؤوس أموال خليجية تتناقل الخبر على أنه أول حدث للمرأة الخليجية فهذه مغالطة كبرى تحتسب بحق هذه الفضائيات قبل الوكالة لأنه لو قامت بمراجعة سريعة لن تستغرق إلا ثواني فستجد أن نساء من البحرين وعمان وقطر حصن هذه الحقوق قبل أخواتهن الكويتيات حتى لو جاءت عبر القرارات السياسية لحكومات هذه الدول.

فجاء خبر حصد الكويتية للحقوق السياسية في نشرات الأخبار وبعض المواقع الاخبارية على أنه الأول والأوحد والسباق والفريد وغيرها من المفردات والمصطلحات التي تصنع الخبر وتضفي لمسة التضخيم والتميز المعتادة، لكن هذه المرة جاءت خطأ خبريا وإعلاميا، ومر مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث في هذه المنطقة على الاطلاق!

إن الجهل بتاريخ دول الخليج وعلى رأسها البحرين لم يأت عبر هذا الخطأ المذكور، فحتى بعض الأقلام التي نشرت منذ فترة قصيرة مقالات لها في صحف خليجية لم تكترث بقراءة التاريخ لتكتب كلامها فيما يخص تاريخ الحقوق التي حصدتها المرأة في هذه المنطقة.

فبينما كانت البحرينية تشارك في عملية التصويت في انتخابات مجالس البلدية في عشرينات القرن الماضي إبان حقبة الوجود البريطاني، إضافة إلى مواصلة تعليمها الجامعي في أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات في لبنان وأوروبا، كانت مثيلاتها من دول الخليج قابعات في بيوتهن لا يسمح لهن بممارسة أي حق من الحقوق التي نسمع عنها اليوم.

فالنضال من أجل كسب الحقوق السياسية وتحديدا في بلد مثل البحرين هو تاريخ قديم جدا، طالبت به المرأة مثلما طالب به الرجل لينتقل بنسب متفاوتة إلى دول الجوار حتى يأتي اليوم الذي تتباهى به دول المنطقة مواكبة مع نغمة الاصلاح.

غير أن الاصلاح السياسي في البحرين بدأ قبل هذه النغمة، فلم يكن ثمرة لضغوط خارجية بقدر ما كان إرادة شعبية ومن ثم حكومية