قبل أسبوع، وفي مثل مساء أمس الخميس، كرمت المحافظة الشمالية عددا كبيرا من الفنانين المنتسبين إلى عدد من الجمعيات الفنية التي شاركت في عمليات رسم الجداريات والقيام بأعمال فنية في قرية القلعة. وكان المعتاد في مثل هذه المناسبات اقتصار التكريم على "الكبار" والمشهورين، إلا أن المحافظة الشمالية أحسنت صنعا بتكريم كل المشاركين من مختلف الجمعيات، ولم تفرق بين كبير وصغير، لأن الفن في محصلته عطاء، والعطاء هو الذي يستوجب الإشادة والتكريم.

إلى جانب هؤلاء الفنانين والفنانات، كان من ضمن المدعوين مجموعة من رجال وشباب القرية الصغيرة التي لا يزيد تعدادها عن 250 شخصا، وبيوتها لا تتعدى 28 بيتا، جاءوا كلهم ليشهدوا حفل التكريم.

الألطف من ذلك أن المحافظة اهتمت بتكريم أطفال القرية أيضا في حفل خاص أقيم قبل تكريم الفنانين. وقصة هؤلاء الأطفال أنهم شاركوا في التزيين من باب اللعب والتسلية، إذ وجدوا قريتهم تستضيف عددا من القادمين الجدد من مناطق مختلفة من البحرين، ووجدوا أنفسهم أمام لوحات فنية يتم رسمها من الصفر حتى تكتمل في صيغتها النهائية.

مثل هذا الجو الفني الجميل شجعهم على الانخراط في العملية ومد يد العون للفنانين، فكنت تجدهم بالذات أمام اللوحات التي كانت تحتاج إلى تركيب قطع من البلاط الملون، فكانوا يقومون بتهيئتها وتركيبها على الجدارية بحسب توجيه الفنان المرافق لهم، بل إن بعض هؤلاء الصغار احتضن الفرشاة وقام بالتعبير عن نفسه برسم ما يعن له من مناظر بسيطة مستوحاة من البيئة. أحدهم استوقفني منظره، لأن ملابسه كانت ملوثة بالأصباغ، فقلت للطفل الأكبر منه ممازحا: ماذا ستفعل به أمه إذا وجدته على هذا الحال؟ فقال صاحبه: "لن تفعل به شيئا، لأن هذه الملابس قديمة لبسها لهذا العمل".

هذا الطفلان كانا من بين مجموعة الأطفال الذين كرمتهم المحافظة في حفل خاص. وجميل جدا أن تكون هذه الالتفاتة للجنود المجهولين، فهؤلاء هم الذين يقومون بالأعمال دائما، ويتحملون المشاق، ويأتي "الكبار" يحملون "بشوتهم" على أيديهم، ليتلقوا عبارات الثناء وليكونوا نجوم حفلات التكريم. مثل هذا المنهج إنما هو تعزيز لثقافة تكريم الشعب الفنان