أطلت الخلافات الكردية الكردية "أقصد الخلافات بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارازاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالباني" برأسها من جديد في كردستان العراق وهي ما حالت دون تشكيل الحكومة الموحدة وانعقاد الجلسة الاولى لبرلمان كردستان "الذي عدد مقاعده 111 منها 104 لقائمة الوطنية الكردستانية تضم عشرة احزاب كردستانية والمقاعد الباقية 6 منها لجماعة الاسلامية و مقعد واحد لحزب كادحي كردستان" . بدأت الأزمة تتفاقم بينهما عندما تأجل انعقادها لجلسة برلمان كردي مرتين منذ أكثر من "4" أشهرمن اجراء الانتخابات وهي اول انتخابات تجرى في كردستان بقانون متفق عليه من بغداد - اقصد القوى العربية - بعد تشكيل برلمان كردي في اجراء انتخابات في كردستان العراق العام ،1991 وتعطلت اجراءاتها نتيجة الاحتراب الداخلي السيئ الصيت وبقي البرلمان الكردي قائما منذ ذلك الحين من دون تجديد. من عادة الكرد ان "كريزة" خلافاتهم قوية الى درجة "ان أقوى دولة في العالم تعجز عن ايجاد حلول لها" فمثلا محاولات المصالحة في العام 1998 في واشنطن باءت بالفشل، ونتيجة هذه المحاولات ادت الى خلق حال "لا الحرب ولا السلم" بمعنى آخر عندما تدخلت وزرارة الخارجية الاميركية في العام ،1998 ودعت وزيرة الخارجية الولايات المتحدة حينذاك مادلين اولبرايت الزعيمين المتقاتلين الى الواشنطن واشرفت بنفسها على مصافحة الزعيمين الكرديين لأول مرة منذ ،1994 الا ان اتفاق واشنطن ظل حبرا على ورق بسبب عدم الاتفاق على تعويضات وصادرات التجارة من بوابة "ابراهيم الخليل" في الحدود مع تركيا.
استطرادا... يدورمحور الخلافات الكردية الكردية هذه المرة حول عدد من النقاط اهمها، العلاقة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد وحول صلاحيات رئيس اقليم كردستان وشكل انتخابه، ومن سيتولى الحكم في كردستان. مع ان الحزبين اتفقا على الصيغة مفادها: اذا حصل مام جلال الأمين العام للاتحاد الوطني على منصب سيادي فسيكون منصب رئاسة الاقليم من نصيب مسعود بارازاني وكذلك رئاسة حكومة الاقليم الموحدة تكون لنيجرفان بارازاني "وهو قيادي من الديمقراطي الكردستاني" ورئاسة البرلمان تكون من نصيب عدنان المفتي وهو عضو مكتب السياسي للاتحاد الوطني وقريب جدا من مسعود بارازاني وله دور كبير في تضييق الهوة بين الحزبين على رغم ذلك عجز الحزبان عن الالتزام بالاتفاق المسبق وبدآ بالقاء التهم والمهاترات فيما بينهما. فقرأنا من موقع الكتروني للاتحاد الوطني "pukmedia" بيانا ناريا يتهم الديمقراطي بخلق شروط تعجيزية وانه لم يف بوعده بالمقابل حمل نيجرفان بارازاني مسؤلية ما يجري للاتحاد الوطني وخصوصا مام جلال"رئيس العراق" وقال: "كان من المفروض ان لايغادر الرئيس جلال البلاد قبل ايجاد الحل"... وان ذهابه سبب مشكلة بين الحزبين خصوصا وان الوفود غير مخولة من احزابهم. ما هي رؤية الحزبين للحل؟ باعتقاد الديمقراطي الكردستاني: "ان منصب رئيس الاقليم يجب ان لايكون منصبا رمزيا، وانما يجب ان يكون له صلاحيات، وهذا لايعني ان يستولي على كل شيء، انما ستوزع الصلاحيات بين رئيس الاقليم ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء" "بحسب ما قاله رئيس حكومة الديمقراطي الكردستاني نيجرفان بارازاني" و يرى الديمقراطي الكردستاني ايضا بان رئيس الاقليم يجب ان تكون مدة حكمه 4 سنوات وينتخب من قبل الشعب عبر استفتاء عام يجرى في الاقليم و ان تكون وزارتا بيشمركة " طبعا بعد جمعها وتحويلها الى قوة كردية وليست حزبية وتحت قيادة رئيس من الديمقراطي ونائب من الاتحاد" والمالية "وربما هي السبب الوحيد للمشكلة" تحت اشراف مباشر لرئيس الاقليم بمعنى آخر يريد الديمقراطي الكردستاني ان يكون نظام الحكم في الاقليم نظاما رئاسيا، في حين يريد الاتحاد الوطني الكردستاني نظام الاقليم نظاما برلمانيا "لانه أكثر ديمقراطية من النظام الرئاسي "بحسب القيادي لدى الاتحاد الوطني كوسرت علي وهو متهم بانه وراء الازمة" بالاضافة الى ذلك يجب ان يحكم رئيس الاقليم سنة واحدة وان يكون منتخبا من قبل البرلمان مثل ما تم انتخاب الرئيس في العراق وهو ما ينسجم مع المرحلة الانتقالية العراقية في حين لا يرى الديمقراطي الكردستاني مبررا بان "تربط كل الامور ببغداد" اي يفضل الديمقراطي ان يتم تفعيل دور برلمان كردستان لاصدار قوانين خاصة لكردستان "دستور كردستان" وهذا ما يسمح لهم قانون ادارة الدولة العراقية "بحسب ما قال نيجرفان بارازاني" ايضا هذا كان ظاهريا وهذا ما تبوح به قيادات الحزبين لكن المراقب قد يذهب إلى ابعد من ذلك خصوصا المراقب الذي يتابع الملف الكردي وتجربته في الاقتتال الذاتي على الاقل منذ مطلع التسعينات لا ينظر إلى الامور بهذه البساطة وبهذه السطحية لانه لو كانت الخلافات عن الصلاحيات وشكل الانتخابات أو تباين في وجهات النظر مثلما يقولون هم لكان قد حلها قانونيون او على الاقل كانوا يطلعون على القانون الذي أصدره برلمان كردستان في العام 2002 الذي يعطي الاستقلالية للوزارات ويحدد مدة حكم رئيس الاقليم 4 سنوات وهذا الامر ايضا لايخالف قانون ادارة الدولة العراقية الموقت الذي يجيز للإقليم قانونا خاصا به. في الحقيقة... لا احد يقتنع من خارج الحزبين بان تكون الخلافات سببها الذي ذكرناه اعلاه. ثمة من الكرد يريدون ان يعطوا الملف لرجال القانون والمختصين إذ إن هذا من اختصاصهم وهم يفهمون-ربما- اكثر من قيادات اوانصار الحزبين وكذلك يرى هؤلاء الكرد بان مثل هذه الخلافات لا تستدعي الوسطاء على مستوى الاشخاص لحل مثل هذه العقدة لأنها بالاساس هي مسألة قانونية بحتة وهي ليست مسألة رضا الطرف أو رضا الطرف الآخر، بمعنى ، لايمكن النظر الى مثل هكذا امور من منطلق الخاطر أو من منطلق "كرمال عيون" شخص أو "كرمال قيمته" - قيمة شخص - الوطنية والنضالية. ولا نستغرب الآن بان كردستانيين أصبحوا يمتعضون من مقولات مثل: "أصبح الاتفاق وشيكا بين الحزبين"، و"فلان تدخل بين الحزبين" و"ان اميركا لا تترك الحزبين ليعودا الى القتال" والخ. في الحقيقة ومنذ العام 1994 لم تنقطع الحرب بين الحزبين فاذا لم تكن من خلال جبهات القتال فتكون من خلال الجبهات الاعلامية أو الجبهات السياسية. ويمكن القول أحسن: "الحال الذي عاشه الكرد كان في مرحلة "لا الحرب ولا السلم" وهذه الحال امتدت الى ما قبل الحرب الاميركية باشهر". ويبدو من حظ الكرد أن الاميركان أتوا الى العراق وكانوا سببا للحؤول دون حدوث الحرب بينهما "هذا ما يردده الكثيرون من الاكراد". اذا يمكن القول ان العصا الاميركية كانت غالبة على ارادة الشعب الكردي وصارت كل صيحاتهم لا "تساوي شيئا امام رغبة اميركا" وهم يدركون ايضا بان "رفض اميركا تفاقم الخلافات بين الحزبين ليس لأجل المصلحة الكردية بل لاجل مصلحتها لكي لا يختل التوازن في الاقليم"، وهذا كان واضحا من خلال زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندليزا رايس لكردستان والتقت مسعود بارازاني ونبهته الى ضرورة انعقاد جلسة برلمان وتوحيد الحكومتين وكذلك كان هذا محور الحديث في لقائها مع رئيس الجمهورية العراقية جلال طالباني "بحسب ما قالت المصادر".
بقي القول ان وضع كردستان لا يصلح الا من خلال قبول الحزبين واقعا جديدا وهو ان يكون هناك حزب في السلطة وحزب في المعارضة واثبتت تجارب كردستان البرلمانية ان سياسة التوافقات لا تصلح في كردستان وان سياسة المحاصصة بالنصف كانت سببا لحروب طالت اكثر من اربع سنوات
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 986 - الأربعاء 18 مايو 2005م الموافق 09 ربيع الثاني 1426هـ