بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول، بدأ العالم يشهد تغيرا واضحا على المستوى العالمي، وخرجت أميركا مذعورة مما حدث. لم تصدق الصدمة، ولم تكن تحسب أن يصل العنف إلى موقع دارها. تغير الخطاب الأميركي، وبدأت نغمة الإصلاح السياسي في العالم العربي ترتفع شيئا فشيئا، ورحنا نسمع عن التنظير المعلن أن رياح الإصلاح في العالم العربي قادمة قادمة لا محالة، وكانت البداية سقوط أفغانستان ومن ثم العراق، وهكذا دواليك.
لست هنا في مقام تشريح النية الأميركية من أنها تريد أن ترسخ الإصلاح أم لا، ولكن ما أريد طرحه أن الإصلاح في البحرين وحال الانفراج السياسي التي حدثت في هذه السنوات الثلاث ليس للولايات المتحدة دور فيه، فليس لها في المشروع الإصلاحي لا ناقة ولا جمل.
أقول ذلك، إذ إني تعجبت من أحد الكتاب العرب، حين ذكر في برنامج إذاعي أن الإصلاح في البحرين جاء وفق إملاءات أميركية، والمصيبة تكبر وتعظم عندما ذكر "أنه بعد 11 سبتمبر بدأ المشروع الإصلاحي في البحرين". تعجبت، كيف اختلطت الأمور على كاتبنا، إذ إن الإصلاح والانفراج السياسي في البحرين بدأ قبل 11 سبتمبر، أي قبل موجة الإصلاح التي بدأت تعزف في كل مكان. ليست هذه قناعتنا نحن كبحرينيين فقط، بل حتى قناعة الأميركان أنفسهم، وكان آخرها تصريح المسئولة الأميركية في البحرين قبل أسبوع.
الانفتاح السياسي الذي حدث جاء وفق إرادة داخلية بحتة، ليس للأميركان دور فيه، فجاء التوقيع على الميثاق وفق تصالح وطني بين السلطة والمعارضة والمجتمع لبناء بحرين قائمة على الحرية، وبناء على ذلك تم إلغاء محكمة وقانون أمن الدولة، وبدأ الانفراج يتوالى شيئا فشيئا، إلى إطلاق السجناء ورجوع المبعدين، وشيئا فشيئا بدأ تدشين مؤسسات المجتمع المدني. كل ذلك حدث قبل تباشير الوعود التي راحت تبشر بها الولايات المتحدة الأميركية للعالم عن رياح الديمقراطية وترسيخ مشروعات الإصلاح في العالم العربي.
هذه حقيقة تاريخية ليس للولايات المتحدة المنة علينا فيها. فالمشروع الإصلاحي الذي حدث في البحرين جاء وفق إرادة أميرية تلاقت مع طموح شعب نحو الانفتاح السياسي، فلولا هذا التوافق لما حدث انفراج.
إذا، القول إن هناك دورا للولايات المتحدة الأميركية فيما تم، هو قول مجانب للصواب، وهو يخالف تواريخ الحوادث. ولعل ذلك ما يميز البحرين عما يجري الآن من إصلاح سياسي أو تغيير هنا أو هناك في أية منطقة وفق إملاءات أميركية أو غير أميركية.
هذه نقطة مهمة يجب أن نوضحها لأبنائنا ولأي مراقب ولأي مفكر يريد أن يوثق التاريخ بكل موضوعية. بعد كل ذلك، بقي طموح وطني يجب أن نعمل لأجله، وهو العمل الجاد لإصلاح أية وزارة لم يصلها الإصلاح، وذلك لا يكون بالأمنيات وإنما بالعمل الوطني الجاد، وهذا ما يمليه علينا واجبنا الوطني والشرعي
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 986 - الأربعاء 18 مايو 2005م الموافق 09 ربيع الثاني 1426هـ