جاء في تفسير الآية ". .. وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ..." "الأنعام:19": أنه من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي "ص" أو أبلغه محمد "ص" بالرسالة. لكن لسوء الطالع لقد بلغ الكتاب الكريم الجنود الأميركيين في عقر دارهم "غوانتنامو"، ولكنهم أهانوه. وكان أجدر بهم بحكم أنهم يجهلون لغته أن يسألوا أولئك الضعفاء من الأسرى الذين حملوه معهم من أفغانستان إلى ذلك المعتقل الأميركي النائي في كوبا، عن ماذا في كتابكم هذا؟ قبل أن يضعوه في دورات المياه "إذ في حال واحدة على الأقل ألقوا بمصحف في المرحاض" وفقا لمجلة "نيوزويك" الأميركية التي حاولت أمس التملص من الخبر، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يدنس فيها الجنود الأميركيون المصحف، فهناك شهود كثر سيدلون بشهاداتهم في حوادث مماثلة في تظاهرات كبرى تنظم في 27 من الشهر الجاري في كل أنحاء العالم الإسلامي. وكرر أمس الأول الأميركيون تمزيق المصحف في أحد المساجد بالعراق وشوهوا جدران ذلك المسجد.
بيد أن الله تعهد بحفظ الذكر، لذلك تلقت الولايات المتحدة بفعلة جنودها ضربة جديدة موجعة في جهودها لتصحيح صورتها المتدهورة أصلا في العالم الإسلامي. وظهر جليا أن حجم ردود الفعل على هذه القضية فاجأ السلطات الأميركية وأربكها بل وأحبط حملتها التي أطلقتها منذ ثلاث سنوات عبر الإعلانات التلفزيونية والإذاعات الموجهة مثل "سوا" وقناة "الحرة" الفضائية، وكل الجهود من أجل الإصلاحات الديمقراطية في "الشرق الأوسط الكبير".
إن هذه الفضيحة كشفت أن الهوة مازالت كبيرة بين أميركا والعالم الإسلامي وأنها بحجم الجريمة التي ارتكبت. فمن يمارسون مثل هذا السلوك هم أشخاص بعيدون عن الموضوعية في الخصومة ومتخطون للحدود الحمراء المتعارف عليها. نتمنى ألا يكون سلوكهم هذا بمثابة سمة مميزة للسياسة الأميركية تجاه المسلمين الذين لم يتعرضوا عبر تاريخهم الطويل بسوء للكتب السماوية الأخرى على رغم تحريفها. إن العالم الإسلامي لم يطلب من واشنطن المستحيل سوى الاعتذار وعدم الالتفاف حول المسألة وإجراء تحقيق مستقل في حادثة غوانتنامو وغيرها. ومن ثم تقديم مرتكبيها إلى محاكمات شفافة حتى تردع كل من تسول له نفسه بانتهاك مقدسات البشرية
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 986 - الأربعاء 18 مايو 2005م الموافق 09 ربيع الثاني 1426هـ