يناقش المقال الذي بين يديك موضوع العجز المتوقع في الموازنة العامة للعام 2005 والذي بدوره يعود إلى زيادة حجم المصروفات عن الإيرادات. بحسب الأرقام الأصلية للموازنة قدرت الحكومة الإيرادات بـ 1255 مليون دينار مقابل مصروفات قدرها 1392 مليون دينار ما يعني تسجيل عجز مالي مقداره 137 مليون دينار.
حقيقة يعتبر العجز الرسمي للعام 2005 "137 مليون دينار" أقل بكثير من الرقم المرصود للعام 2004 "383 مليون دينار". بيد أنه لا يتوقع أن يتم تسجيل عجز حقيقي في نهاية المطاف نظرا إلى اتباع الحكومة سياسة متحفظة من حيث المبدأ فيما يخص الإيرادات والمصروفات على حد سواء. على سبيل المثال افترضت وزارة المالية متوسط سعر للبرميل قدره 30 دولارا في العام 2005 وهذا الرقم أقل بكثير مما هو سائد في الأسواق الدولية. أيضا لوحظ أن الإيرادات تعززت بسبب الأموال التي تم رصدها حديثا بخصوص إيرادات حقل البحرين وعملية تكرير النفط في مصفاة "بابكو".
جهود لجنة الشئون المالية والاقتصادية
أثمرت جهود الأخوة في لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب في إجبار الحكومة متمثلة بوزارة المالية في إدراج أرقام جديدة بالنسبة إلى إنتاج حقل البحرين وعملية تكرير النفط الخام إلى منتجات نفطية في المصفاة. وكانت الحكومة قد رصدت مبلغا قدره 44 مليون دينار كإيرادات للموازنة العامة بالنسبة إلى أنشطة شركة "بابكو". إلا أن الحكومة وافقت في نهاية المطاف ونتيجة لإتيان اللجنة بالأدلة الدامغة لرفع الدخل النفطي إلى نحو 197 مليون دينار أي بنحو ثلاث مرات ونصف. ووافقت الحكومة على الرقم الجديد بعد إصرار اللجنة على أن الدخل النفطي من الحقل وعملية التكرير هو 260 مليون دينار وليس 44 مليون دينار ما يعني حدوث نوع من المساومة بين الطرفين. المعروف أن حقل البحرين ينتج نحو 37 ألف برميل نفط يوميا بينما يتم تكرير 262 برميلا يوميا في المصفاة والفرق هو ما يتم استيراده "أو شراؤه" من النفط الخام من الجارة المملكة العربية السعودية. وتبين للجنة أن عملية تكرير النفط الخام إلى منتجات نفطية مثل الديزل تساهم بثلاثة دولارات صافية عن كل برميل.
العجز أو الفائض في السنوات الماضية
تظهر نتائج السنوات السابقة أن الأرقام النهائية للموازنة ربما تتغير في نهاية المطاف أو على الأقل هذا ما حدث في الفترة ما بين 2001 و2003:
في العام 2003 زادت الإيرادات الفعلية بواقع 349 مليون دينار فيما انخفضت المصروفات المقررة "الفعلية والمحولة للعام التالي" بنحو 27 مليون دينار وعليه تحول العجز المتوقع وقدره 362 مليون دينار إلى فائض في حدود 14 مليون دينار.
أما في العام 2002 زادت الإيرادات بواقع 352 مليون دينار فيما انخفضت المصروفات بنحو 15 مليون دينار وبالتالي انخفض العجز الفعلي من 371 مليون دينار إلى 4 ملايين دينار.
بيد أنه في العام 2001 زادت الإيرادات بواقع 312 مليون دينار وانخفضت المصروفات بنحو 78 مليون دينار ولذلك تحول العجز المتوقع من 242 مليون دينار إلى فائض قدره 148 مليون دينار. وعليه قررت الحكومة تسجيل فائض حقيقي قدره ثلاثة ملايين دينار فقط واحتجزت الرصيد المتبقي لتنفيذ مشروعات "سيادية واستراتيجية" حيث استفادت الحكومة من بعض هذه الأموال لتنفيذ مشروعات لاحقة مثل تدريب ومنح مساعدة للعاطلين عن العمل.
يبقى أن وزارة المالية لم تتكرم علينا حتى الآن بنشر الأرقام النهائية للعام 2004 "ربما لغرض في نفس يعقوب مثل عدم دفع العلاوات والبونس المقترح". في الحقيقة لا يوجد سبب مقنع لعدم الإفصاح عن الإحصاءات المتعلقة بالعام الماضي بعد مضي فترة طويلة على انتهاء السنة المالية. أما بخصوص العام 2005 فمن غير المتوقع أن يتم تسجيل عجز حقيقي بعد أن تم إضافة مبلغ قدره 153 مليون دينار "الفرق بين 44 و 197 مليون دينار" فضلا عن اعتماد متوسط منخفض لبرميل النفط.
بهذا المقال نصل وإياكم إلى ختام تغطيتنا لموضوع الموازنة العامة للعام 2005 مساهمة منا في إثراء النقاش المحتدم في البلاد خصوصا في البرلمان. ختاما نرغب أن نسجل تقديرنا للأخوة في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب لتحقيقهم نجاحا تاريخيا فيما يخص الكشف عن جانب من التفاصيل المتعلقة بأنشطة شركة "بابكو". السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن رصد الإيرادات العائدة للسنوات الماضية فيما يخص إنتاج عملية التكرير على أقل تقدير؟ مقال يوم الاثنين يتناول المديونية العامة للبحرين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 986 - الأربعاء 18 مايو 2005م الموافق 09 ربيع الثاني 1426هـ