قرد يقهقه أو عجوز تلطم

الشعراء في السابق كانوا بمثابة القنوات الفضائية أو الصحافيين في يومنا هذا، وعملية الضرب من تحت الحزام، سلاح يستخدم للابتزاز السياسي أو للتركيع الاقتصادي وهكذا، وأحيانا يتسلل الكره إلى الأوراق الشخصية للإنسان ليطعنه وإذا لم يجد شيئا يلتجأ إلى عائلته، أو إلى زوجته، وأولاده... وهكذا، لا مقدسات ولا محرمات ساعة الاختلاف. المتنبي وجد لون كافور طريقا للتشهير به، فقال فيه:

وأسود مشفره نصفه

يقال له: أنت بدر الدجى

اختلف جرير مع قبيلة تيم فوصفها بالعبيد:

فإنك لو رأيت عبيد تيم

وتيما، قلت: أيهم العبيد؟

أما ابن الرومي الذي يعد سيد الهجاء فبحث ونكش كل أوراق عدوه فلم ير شيئا يهجوه إلا أنفه الطويل:

لك أنف يا ابن حرب

أنفت منه الأنوف

أنت في القدس تصلي

وهو في البيت يطوف

كنت ذات يوم أتناقش مع هاني فحص وهو مفكر لبناني، قلت له: لماذا يتطرف الإنسان؟ قال: من الجهل، ما أسهل التطرف لأنه لا يحتاج إلى عقل أو تفكير أو عصف ذهني "امش واخبط".

يقول أحمد مطر:

متطرفون بكل حال

إما الخلود أو الزوال

إما نحوم على العلا

أو ننحني تحت النعال

في حقدنا:

أرج النسائم جيفة،

وبحبنا:

روث البهائم... برتقال!

هذه هي العقلية الشرقية، إذا كرهت ترى في أرج النسائم جيفة، وإذا أحبت رأت في روث البهائم برتقالا.

في السياسة، في الثقافة، في الاجتماع... والسؤال: لماذا نعاني من ظاهرة التصنيم للقبيلة، للمجتمع، للناس، للعائلة، للفكرة... إلخ.

عندما أقرأ تاريخنا السياسي الحديث، أجد أن أكثر قسم خرب اقتصادنا ومزق العلاقات بين السلطة والمجتمع، وأكبر جهة استثرت على حساب المواطن العربي هي المخابرات