كان ذلك عنوان لمؤتمر جمعية المنبر الوطني الإسلامية، في الفترة 13 و14 أبريل/ نيسان الماضي، إذ يعد المؤتمر الأول لتلك الجمعية، وينم ذلك عن أهمية ومكانة المرأة، بدليل إفراد أول مؤتمر سياسي للجمعية خاص بالمرأة وشأنها السياسي، حرصت على حضور المؤتمر لما للموضوع من أهمية بالغة في نفسي وجلست أراقب حوادث ما يجري من وقائع المؤتمر نظرة متفحصة، فأول ما لفت نظري الوجود الحاشد للمرأة في صفوف المشاركين وهذا ما لم نعهده، إذ عودتنا المرأة بحضورها الرمزي البسيط، فهذه المرة يختلف وجودها فقد وجدت بكثرة ربما لأن عنوان المؤتمر يحاكيها بشكل كبير، نظرت مجددا إلى الكتيب التعريفي بالمؤتمر فوجدت أن برنامج المؤتمر لليومين على التوالي يعج بالفقرات الخاصة بالشأن النسوي، رعاية المؤتمر كانت من قبل الشيخة ثاجبة بنت سلمان آل خليفة، وهذا يؤكد حرص المؤسسة الرسمية على دعم المؤتمر، المتحدثات شخصيات نسائية كبيرة ومعروفة، سواء من داخل البحرين أو من الخارج، إدارة الجلسات كلها أوكلت إلى عناصر نسائية، عريف الحفل كانت امرأة كان المؤتمر بحق كرنفال للمرأة البحرينية تمكن من عكس صورة المرأة البحرينية المشرقة المضيئة حتى يبين بشكل واضح قدرات المرأة فهي متحدثة جيدة وقادرة على إدارة جلسات المؤتمر بحكمة ودقة، كما أنها قادرة على التنظيم لفعاليات تخصها وتحاكي طموحاتها المستقبلية.
كان برنامج المؤتمر يخلو من وجود أسماء لشخصيات ذكورية اللهم إلا قارئ القرآن الكريم وكلمة رئيس جمعية المنبر الوطني الاسلامية، إذ كانت كلمته داعمة ومساندة للمرأة وأكد أن المرأة البحرينية شريك سياسي فاعل، وأكد من خلال كلمته أهمية تبوء المرأة البحرينية المكانة المناسبة في صناعة القرار السياسي من خلال تلمسه لقدرات وإمكانات المرأة، وليس هذا بغريب عنه فقد أكد مرات عدة على عزم الجمعية على دفع وجوه نسائية للمشاركة في الحياة التشريعية القادمة، وهذا ما صرح به عدة مرات بدءا من الانتخابات لإدارة جمعية المنبر الإسلامية وفوز عنصرين نسائين في إدارة الجمعية وانتهاء بالمقابلة الصحافية التي أجرتها إحدى الصحف المحلية معه في الفترة القليلة الماضية، فقد أكد استعداد الجمعية للتفاوض مع عناصر نسائية سواء من المنبر أو من خارجه لدفعهن للانتخابات النيابية القادمة بحسب معايير محددة بحيث تكون معروفة في دائرتها وذات خلق ودين وكفاءة وخبرة وقبول اجتماعي في الوقت التي استبعد فيه المنبر بدفع مترشحات للانتخابات البلدية القادمة، بسبب ما اعتبره تعقيدات ميدانية تحول دون استطاعة المرأة ممارسة الدور المطلوب.
سأتطرق الآن إلى برنامج المؤتمر ثم سأقوم بتحليل ذلك وإبداء وجهة نظري الشخصية فيه...
اليوم الأول، عرضت ورقة "قراءة قانونية لحقوق المرأة كما عبر عنها الدستور والميثاق"، إذ كانت المتحدثة الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لولوة صالح العوضي، تلاها تعقيب على الورقة لرئيسة جامعة البحرين نائب رئيس المجلس الأعلى للمرأة الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة.
اليوم الثاني، عرضت دراسة عن أسباب إخفاق المرأة البحرينية في أول تجربة برلمانية، كانت المتحدثة هدى حسن الخاجة، والورقة الثانية تعريف بنظام الكوتا، إذ كانت المتحدثة رئيسة ملف الأسرة البحرينية بمكتب قضايا المرأة بجمعية المنبر الوطني الإسلامي نوال العامر، الورقة الثالثة والأخيرة هي عن: "تدابير وضمانات لدخول المرأة المجلس النيابي" لرئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الأرياني. إلى هنا ينتهي عرض برنامج المؤتمر.
الآن سأقوم بتحليل البرنامج...
أولا، المؤتمر عموما يصطبغ بالصبغة الرسمية وخصوصا في اليوم الأول، وبدا واضحا من خلال اختيار المتحدثات واليوم التالي أيضا يمثل وجهة نظر واحدة، ولا يعكس الألوان والأطياف الأخرى عدا ورقة الأرياني، فقد تبدو مختلفة بعض الشيء، الأجدى كان في اليوم الأول عرض الورقة القانونية والمعقب يكون من جهة مختلفة حتى يكون هناك إثلااء في الورقة، ما حصل كان تأكيد لكل ما جاء في الورقة، وبالتالي انتفت فائدة التعقيب، الملفت للنظر أن الورقة عكست بشكل كبير جدا مزايا دستور ،2002 والسبب يكمن في أن هذا الدستور أعطى المرأة حقها السياسي كمرشحة وناخبة، وتم تأكيد ذلك أكثر من مرة، وفيه شيء من الاستدارة على المرأة بأن تقف مع هذا الدستور وقفة مؤيدة، لأنه أنصفها واعطاها حقها في العمل السياسي كما يجب، جاءت الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة وأكدت ما ذهبت إليه لولوة العوضي، وبالتالي ما الفائدة من وجود المعقب في هذه الحالة؟ الجانب الآخر، من المعروف أن جمعية المنبر الوطني الإسلامية تمثل الخط الرسمي في التوجهات كافة، وبالتالي فإن اختيار التعريف بنظام الكوتا غير موفق، لأنه من المعروف أن المؤسسة الرسمية والمجلس الأعلى للمرأة موقفهما جيد من نظام الكوتا النسائية على اعتبار أنه اختراق للنصوص الدستورية، وفي أكثر من مرة يصرح رئيس الجمعية بأنه مع ترشيح المرأة من خلال الاقتراع الحر المباشر، ويشير إلى أن هناك إشكالا دستوريا يحول دون تنفيذ الكوتا النسائية وبالتالي ما الفائدة المرجوة من طرح ورقة التعريف بنظام الكوتا، طالما أن وجهة نظر الجمعية واضحة باتجاه رفض هذا المبدأ، هل من أجل تعريف القطاع النسائي بنظام الكوتا؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأعتقد كان على اللجنة التحضيرية للمؤتمر أن توفر على نفسها العناء والتعب، لأن من أراد التعرف على نظام الكوتا النسائية فإنه حتما لن يضيع، هناك الكثير من المواقع الإلكترونية تستطيع القيام بهذا الدور، إلى جانب وجود الكثير من المحاضرات والندوات التي تبنت هذا الموضوع وفي أكثر من مناسبة، وبالتالي من وجهة نظري الشخصية لم توفق الجمعية في اختيار الموضوعات المهمة في مؤتمرها القيم هذا.
ربما ورقة رمزية عباس الأرياني من خلال عرضها لتدابير وضمانة دخول المرأة المجلس النيابي تكون مفيدة، على رغم تجارب الكثير من الدول سواء كانت العربية منها أو الأجنبية تعتبر نظام الكوتا النسائية أحد أبرز التدابير السياسية الداعمة لوجود المرأة في العمل السياسي، وأكبر دليل على ذلك تجربة دولة مصر العربية نظرا إلى خصوصية تجربتها قبل الكوتا النسائية وأثناء الكوتا النسائية وبعد قرار المنع.
الشيء الآخر التي لفت نظري حرص الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة على الدفاع المستميت عن المرأة، وهذا ما أثلج صدر النساء المشاركات في المؤتمر، فقد بدت نصيرة للمرأة بمعنى الكلمة، فلم تقبل أبدا المداخلات التي تتحدث عن المرأة والوقوف إلى جانبها بشفقة أو بعاطفة، ورفضت هذه الوقفة وذكرت أن المرأة تستحق من المجتمع كل الاحترام والتقدير على أدوارها المتعددة والمكللة بالنجاح، إذ أثبتت أنها قادرة، وبالتالي يجب عدم معاملة المرأة معاملة خاصة، وذكرت أن المرأة تحتاج إلى أن تنحت في الصخر لكي تثبت للجميع أنها قادرة، وهذا الدور غير مطلوب من الرجل، ولكن على رغم ذلك لا يتم التشكيك في قدرة الرجل
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 985 - الثلثاء 17 مايو 2005م الموافق 08 ربيع الثاني 1426هـ