ان الاستقرار السياسي والأمني الداخلي في كل بلد له مردود اقتصادي مباشر، ولقد اجريت دراسات علمية بكم هائل عن هذا الموضوع اثبتت جميعها صدق هذه العلاقة. وبشكل مبسط نقول إن أي مواطن يترك بيته إلى العمل وهو مطمئن لسلامة أهله وبيته وأمواله سيكون مرتاح البال وقادرا على الإنتاج والعطاء بصورة أفضل بكثير مما لو كان باله مشغولا بالسرقات التي يسمع عنها حوله كل يوم ولربما طاله بعضها. كما أن حافزه للاستهلاك سيكون أكبر اتساقا مع الوضع النفسي المطمئن الذي يعيشه. وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، فإن الاستقرار الأمني الداخلي له علاقة وثيقة بتشجيع جذب الاستثمارات الجديدة سواء رؤوس الأموال المحلية أو الأجنبية، كما يؤثر على مستويات السيولة المحلية ومعدلات نمو قطاعات عدة مثل السياحة والمقاولات سلبا وإيجابا.
وبغض النظر عن الأسباب التي أدت الى ازدياد ظاهرة السرقات بصورة حادة خلال الفترة الماضية، تبقى على أجهزة الدولة الأمنية مسئولية رئيسية في التصدي لهذه الظاهرة ومعاقبة جميع من يشارك فيها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومن الأحاديث الخطيرة والسيئة التي بتنا نسمعها هي محاولات الربط بين أجواء الانفتاح والديمقراطية التي تعيشها البلاد وبين تنامي ظاهرة السرقة، بل وذهب البعض للقول إن بروز ظاهرة المعارضة السياسية عطل أيدي أجهزة الأمن. وفي هذا القول أهداف خطيرة يريد بها البعض من غير حسني النية ضرب مسيرة الديمقراطية والعودة إلى الوراء.
إن أجهزة الأمن التي أخذت مواجهة الحوادث الأمنية ومواجهة المعارضين في البلاد الحيز الضخم والأكبر من موازناتها خلال السنوات الماضية، مطالبة اليوم وبعد تراجع الحاجة إلى هذه المهمات في عصر الديمقراطية ان تعيد تأهيل كوادرها ومنتسبيها وترصد لهم الموازنات نفسها المرصودة سابقا لتمكينهم من النهوض بمسئولياتهم الجديدة في التصدي لظاهرة الاجرام والسرقات. ففي ذلك خدمة كبيرة للتنمية الاقتصادية في البلاد، ولكي يكون الأمن الداخلي في خدمة البلاد بالمعنى السليم
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 984 - الإثنين 16 مايو 2005م الموافق 07 ربيع الثاني 1426هـ