العدد 984 - الإثنين 16 مايو 2005م الموافق 07 ربيع الثاني 1426هـ

كلام في الدولة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

التعقل. بنى جان لوك فرضياته في نقد السلطة، وجعلها تعتمد على أن الإنسان كائن متعقل، يحترم جميع الحقوق التي تشترطها الحياة السعيدة للآخرين.

ويوظف مفهوم التعقل على أنه إذا كان للإنسان إحساس متعقل بأن للآخرين حقوقا طبيعية، فإن هذا يفضي إلى القدرة على العيش وفقا لقوانين الطبيعة دون الدولة وسلطتها. خلاصة لوك، هو أنه هناك مصدر واحد للنظام خلاف السلطة، وهو التعقل والحياة الشريفة للإنسان.

الانسجام الطبيعي. وهو نظرية الاقتصاديين الكلاسيكيين، إذا افترضنا أن الإنسان هو ضد التعقل أو الإحساس بواجب الاحترام لحقوق الآخرين، أي أنه خلاف ما يراه لوك، فإن الحل هو ضمان الاقتصاد النشط والفاعل. سنكون منظمين إذا كنا بمعية اقتصاد متوازن وعادل، إذ ستقوم الطبيعة ذاتها بتنظيم المجتمع من تلقاء نفسها، وستصنع المجتمعات طرق تنظيمها من دون وصاية من أحد، هذا ما يسميه أصحاب هذه الرؤية بـ "اليد الخفية" لا "اليد المرئية" للدولة.

العادة، العرف، التقاليد

المجتمع الذي ينمو ويتطور سلميا، يخلق بنيانا معقدا من العادات والأعراف والتقاليد، هذا المجتمع مؤهل ليكون أكثر تنظيما بشكل ذاتي، أكثر من محاولاتنا لصوغ فرضية تنظيمية إجبارية عليه.

تلعب هذه المنظومة دور المحرك والضابط لإيقاع نمو الدولة، وهذا ما تذهب له أكثر النصوص الخلدونية.

النظام الفوضوي هو استثمار لإحدى هذه الطرق "التعقل - الانسجام الطبيعي - العادات والتقاليد"، أو مزيج منها، ومن ثم فإن مفهوم السلطة يمكن أن يلغى. الليبرالية ترى أن هذه المصادر الثلاثة تنتج النظام، ولكنها لا تكتمل إلا بالسلطة.

أما هوبز وماكيافيللي في الجهة المقابلة، فترى " أن البشر غير منظمين بشكل لا علاج له"، لذلك لابد من سلطة قادرة على التنظيم. هوبز يصنف الإنسان كليا بأنه "كائن غير متعقل"، أما ماكيافيللي فإنه يصف الإنسان بأنه "كائن من الصعب التنبؤ بنتائج حالاته الداخلية المقلقة"

ما بين الليبرالية والماكيافيللية، حينما يفند مفهوم السلطة، سواء تجمعت عبر المكونات الثلاثة أو فرضت قسرا، فهي لا تزيد عن كونها "مظهرا من مظاهر العمران" كما يصفها ابن خلدون في مقدمته، فهي صورة ناشئة عن المجتمع، المجتمع يتطور فينتج مؤسسات، الدولة إحدى هذه المؤسسات، والعلاقة ليست عكسية، فالدولة لا تنشأ المجتمع.

إذا لم تطور المجتمعات مفهوم الدولة، فالدولة لن تنتج مجتمعا متطورا. السؤال، إلى أي حد يمكن أن تكون الحياة حرة وتعاونية من دون الدولة؟

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 984 - الإثنين 16 مايو 2005م الموافق 07 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً