بالأمس قرأت الصحافة البحرينية فضحكت كثيرا عندما لمعت صورة أحد المسئولين المنتفخين بطشا وضربا وعضا للصحافة وممن مارسوا دورا رائدا في قطع أصابع الصحافيين من بداية التسعينات إلى يومنا هذا، فحولته بقدرة قادر إلى حامي حمى الصحافة وراعيها. .. لم يبق "مانشيت" لم يمارس عملية النفخ حتى كاد أن يتحول إلى نبي مرسل أرسل خصيصا لحمايتنا نحن الصحافيين والكتاب، عجبي يزداد لهكذا كذب وضحك على الذقون، هذا وقانون تنظيم الصحافة للآن لم يجف حبره ومازلنا نحن معاشر الكتاب والصحافيين نكتب بلا شهادة تأمين ضد اللعب التجاري البراغماتي من بعض رؤس الأموال هنا أو هناك.
سؤال مهم يا صحافتنا الحبيبة: هلا أخبرتمونا عن المسئول "الملائكي" "النزيه" "صاحب القلب الكبير" الذي قام بالضحك على الجميع فراح يقنع أي مسئول نزيه بكتابة مثل هذا القانون الذي يقود الصحافيين إلى السجن؟ الآن أصبح هو حامي حمانا؟! هو ناشر الرياحين والزهور على أرض الصحافة؟ من الذي راح طيلة 20 عاما وهو يشتم الناس ويطبل لقانون أمن الدولة؟ من الذي راح ينشر صور الشباب المعترفين تحت التعذيب على صفحات الصحف؟ من الذي خرج علينا بعد حادثة شارع المعارض في مقابلة يهدد ويتوعد ويحاول أن يلبس الحدث تهمة المؤامرة الأمنية لإحدى الشخصيات النزيهة؟ من الذي راح يقطع لقاءات مجلس النواب في الإعلام؟ اليوم يتحول بعد الخروج من المنصب إلى بطل أبطال الصحافة والأم الرؤوم للصحافيين والكتاب؟ الآن هو يوزع علينا بسكويت الحرية!
فعلا، كما قال أنيس منصور: "السياسة فن السفالة الأنيق"، فالناس لا تمشي وراء مهرج ولا تؤمن بجلاد كذاب. أنا أعلم أن الضرب في الميت حرام، ومأساتنا في العالم العربي أن بعض وزرائنا الأفاضل يصيبهم الخبل فبعضهم يفقد نصف عقله عند دخوله لوزارة ويفقد النصف الآخر عند الخروج منها.
أسأل: أين هذا المسئول الملائكي من القضايا المهمة التي تتعلق بالصحافة طيلة الـ 25 عاما وهو يدعي أنه ابن الصحافة؟ أين هو من هموم الصحافة في كل قضايا الوطن، الفساد، المحسوبية، التقاعد، الكهرباء. لماذا الضرب تحت الحزام؟
بعض هؤلاء المسئولين يلعب لعبة تجارية قذرة لتنافس غير شريف في السوق، ويحاول أن يخدعنا جميعا بدموع صحافية مستغلا هموم الصحافة وأحزانها وما فيها من منغصات لصالح اللعبة التجارية. ارجعوا إلى كتابات فترة التسعينات وعندي بعضها واقرأوا الارشيف لتتأكدوا... من كان ذئبا صحافيا على الناس وعلى خلق الله وعلى الصحافيين - الذين من المفترض أنهم زملاؤه - لا يمكن أن يتحول إلى حمامة صحافية في 2005 مهما تلبس بلبوس السلام، و"عمر الصفر لا يلد المليون".
المسئول الذي يريد الحديث عن طهارة الصحافة يجب ألا يكون لسانه غارقا في الوحل! وألا يحاول خداعنا ببيع الشعارات وأنه وراء الاتحادات وأنه وراء الجمعيات المؤسسة "لصالح" الصحافيين. على المسئول ألا يطبق طريقة رجال المخابرات في "تصفية" جميع الصحف ليبقى هو محتكرا للسوق ويكون الابن المدلل.
آلامنا نحن معاشر الكتاب والصحافيين نحلها بأنفسنا بعيدا عن حربه غير المقدسة، فنحن نعرف مواطن القبح ومواضع الضعف. ان مثل هذا المسئول الفاشل ينبغي ألا يرفع عقيرته بادعاء الترافع عنا نحن الكتاب والصحافيين. إنه لا يهمه أن يضحك وهو يرى روما الصحافة وهي تحترق ببعضها بعضا.
ان الحرب ليست كلها مقدسة، فهناك من يريد أن يتآمر على ما يكتب في الصحافة من نقد لاذع للفساد والمحسوبية والدفاع عن هموم الوطن. هناك قناديل في الصحافة إذا كسرت فسيحل الظلام في الصحافة البحرينية. اللعبة كبيرة وقد تكون أكبر من نوايانا الحسنة البريئة، فيجب أن نحذر من مثل هؤلاء المسئولين.
عندما تحترق الحرية في الصحافة البحرينية ينتهي كل شيء... الصحافة اليوم في البحرين ليست شركات أو مؤسسات أو أفرادا، الصحافة اليوم على رغم كل تعقيداتها فيها منافع. بدأنا نتنفس ولو قليلا في الكتابة، بدأنا نكتب من دون أن يملي علينا رجال المخابرات ما يريدون.
أنا لا أقول اننا نعيش أياما عسلية وان الحرية 100 في المئة، ولكن الصحافة اليوم أفضل ألف مرة من السابق، هذا إذا لم يتدخل بعض المسئولين الذين فشلوا في الإعلام وجاءوا اليوم لإعلان الحروب الأهلية في الصحافة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 982 - السبت 14 مايو 2005م الموافق 05 ربيع الثاني 1426هـ