تابعت احتفالات عقد القران التي مولها تجار خليجيون وكانوا يدفعون لكل عريس مبلغ ألف دينار، وهدية لكل عريسة، ونشرت متابعاتي الصحيفة على اعتبار أنها حدث جدير بالاهتمام، ومنذ اليوم الذي قمت فيه بنشر أخبار هذه الزيجات صارت المكالمات الهاتفية التي تصلني لا تتوقف ليلا ونهارا، حتى صرت في بعض الأيام أتسلم ما لا يقل عن ثلاثين مكالمة كلها تسأل عن هذا الموضوع! بعض من يتصل يسأل عن عنوان الممولين، والبعض الآخر يقسم لي بالقرآن وبالتوراة وبالإنجيل أنه خاطب ولا يعرف كيف ومتى سيتزوج، ويريد معونة من أولئك الممولين، وبعض المتصلين يعتقد أن الصحيفة هي التي تزوج! ويسأل عن إجراءات تقديم الطلبات، وبعضهم يتصل يريد غسالة، وآخر يريد "فرنا"، وإلى آخره من الطلبات التي حولتني إلى موظف صندوق خيري وأتشرف بذلك.

كنت متعبا من الاتصالات ولم أكن لأصدها أبدا، وكنت أستمع إليها برحابة صدر ولعل من يقرأ هذا المقال من الذين اتصلوا بي سيتذكر كيف كنت أتحدث معهم، نعم كنت أستمع وأصغي وأقول هل كل أولئك لا يتحدثون عن الحقيقة المرة التي يعيشونها؟ وإذا كان من بينهم من يمتلك ما يطلب فهل كلهم يمتلكون ما يطلبون؟

لا أشك أبدا أن من بين هؤلاء إن لم يكونوا جميعهم من لا يعرف للحياة مذاقا إلا مرها، ودائما ما يبدر إلى ذهني سؤال واحد بعد الانتهاء من كل مكالمة إلى متى سيظل الشاب البحريني محاصرا بين ظروف المعيشة الصعبة التي تحول بينه وبين تكوين أسرة يعيش على أملها، وهو أبسط حق لأي كائن حي يتنفس هواء الحياة