إذا أردنا فعلا أن نكون دولة صناعية فإن أول واجب على المسئولين في وزارتي المالية والصناعة والمصارف والشركات الوطنية ورجال الأعمال البحرينيين الكبار. .. أن يدعموا العقول الخلاقة من خلال استراتيجية وطنية صناعية طويلة المدى.
ومعنى ذلك هو الوقوف مع أبحاث ودراسات المخترعين وهم في المراحل الجامعية التخصصية في جميع المجالات العلمية... لتبني مشروعاتهم ومساعدتهم على تنفيذها مستقبلا... خصوصا لغير القادرين ماديا منهم... على إنشاء الورش والمصانع الصغيرة والصناعة الإلكترونية من خلال التعاون معهم ماديا بإنشاء شركة مساهمة استثمارية توفر القروض لهم بعد أن تقوم الشركة من خلال قسم خاص بها بدراسة جدوى عن المشروع الصناعي الذي يريد المستثمر القيام به... وتقسيط المبلغ الذي سيكلفه عمل دراسة الجدوى للمستثمر ليدفعه بعد أن يتقدم قليلا في عمله... أما الأرباح التي تفرضها على الصناعيين والمستثمرين فإنها لا تزيد على 4 في المئة على ألا يبدأ المستثمر في تسديد أول قسط منها إلا بعد ثلاثة أشهر على الأقل... لأن الشركات الكبيرة لا تدفع للبائع إلا بعد ثلاثة أشهر في البحرين والدول المجاورة... أي أن تهدف هذه الشركة المكونة من القطاع الرسمي والخاص إلى الربح على المدى البعيد لا القريب من خلال هذا المشروع القومي الهادف إلى مساندة العقول الشابة الصناعية لقيام صناعة متقدمة.
وطبعا ستحصل هذه الشركة على الربح بعد عدة سنوات إذا أديرت على أساس علمي مدروس وحديث... وسيسهم ذلك المشروع في توظيف عدد كبير من الشباب العاطلين من دون أن يتضرر القطاع الخاص وينضم إلى قافلة العاطلين عن العمل إذا اضطر إلى توظيف بحرينيين غير مدربين بدل الأجانب المحترفين الماهرين.
كما أننا من خلال هذه الصناعات نستطيع أن نسد بعض احتياجات السوق البحرينية وتسويق منتجاتها في جميع أنحاء العالم... خصوصا إذا التزمت تلك الصناعات التي تقع تحت مظلة هذه الشركة المساهمة بحسب مقاييس الجودة العالمية... وسيتم بذلك دعم الاقتصاد البحريني... ولنا في شركة "سابك" المساهمة لصناعة مواد الخام التي تدخل في صناعة البلاستيك مثلا باهرا لنجاح المصانع التي تقوم على الاستثمار من خلال الأسهم من قبل القطاع الرسمي والخاص.
وفي إمكاننا أن نضع اتفاقا بين هذه الشركة المساهمة الكبيرة والصناعيين والمستثمرين الصغار يحفظ حقوق كل من الطرفين... كما أن المصالح الاقتصادية المشتركة... لا التبرعات الخيرية بين المخترعين والصناعيين الصغار ورؤوس الأموال الكبيرة.. سواء من خلال القطاع التجاري أو المصارف أو الدولة... هي التي تدفع عجلة الصناعة في مملكة البحرين ما يمكنها من تصدير بضائعها من خلال تسويقها بشكل جيد في الخارج... خصوصا بعد عقد اتفاق التجارة الحرة بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية... ما سيساعد على إيجاد سوق واسعة جدا أمام ترويج البضائع البحرينية إذا تم تصنيعها بحسب المواصفات العالمية التي لا يمكن توافرها إلا من خلال مساندة وزارتي المالية والصناعة والتجارة والقطاع الخاص للصناعيين الصغار.
إن الدول المتقدمة يشجع فيها القطاع الخاص الصناعة على أساس من المصالح الاقتصادية بين المخترعين وأصحاب رؤوس الأموال... ويتم عن طريق إنفاقهم على الأبحاث التي يقوم بها الباحث المخترع مع توفيرها مجموعة من الاختصاصيين والاستشاريين في المصانع الخاصة أو التي تسهم فيها الدولة لصناعة المادة المطلوبة وتطويرها وتسويقها تجاريا على مستوى العالم.
إننا نستطيع أن نقوم بذلك في البحرين بعد دراسة مستفيضة لأسلوب تعامل تلك الشركات مع المخترعين... فنقوم بتنفيذ ما يتبعونه من أساليب لدعم وتطوير الاقتصاد البحريني... والارتفاع بمستوى نوع الاستثمار عن طريق هذه الشركة المساهمة أو ما يقوم به المستثمرون الصناعيون القادرون ماديا بأسلوب يتفق مع تطور الاستثمار العالمي وحاجة البحرين إلى غزو مجال الصناعة.
وكلنا نعلم بالتكتلات الصناعية للشركات العملاقة التكنولوجية والدوائية وغيرها في الدول المتقدمة التي قامت على أساس تشجيع المخترعين الذين أصبحوا علماء في المنتجات التي اخترعوها... ونعلم بمدى مساهمتهم الضخمة في الدخل القومي.
هذا هو خلاصة رؤيتي ككاتبة تهدف إلى تقدم البحرين اقتصاديا واجتماعيا في زمن العلم والتقدم التكنولوجي المذهل في الدول المتقدمة التي أصبحت تتسلط علينا وعلى ثرواتنا وتذلنا ونحن نتفرج عليها... كأن هذا الأمر الخطير لا يعنينا... وإذا كنا فعلا نريد تنفيذ خطة صناعية اقتصادية وبناءة تهدف إلى إنشاء صناعة مبتكرة ومتقدمة وأن نقوم بزيادة توظيف البحرينيين بالأسلوب الصحيح القائم على التخصص والتدريب... قبل إصدار القوانين الفوقية التي تفرض رسوما أعلى على التجار من دون اعتبار لما يعانيه هؤلاء التجار ومعهم الصناعيون في البحرين إذا زادت الكلفة الإنتاجية من دون وجود العقول البحرينية المتدربة لتحل مكان العقول الأجنبية المحترفة الماهرة قبل فرض الرسوم... حسبما تتطلب دراسة ماكينزي التي أراد مجلس التنمية الاقتصادية أن يفرضها على القطاع الخاص... وكأننا نضع العربة قبل الحصان بدل أن تكون وراءه
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 981 - الجمعة 13 مايو 2005م الموافق 04 ربيع الثاني 1426هـ