تقول الدراسة التي أصدرتها مؤسسة "راند" الأميركية بشأن الدولة الفلسطينية أنه لدي إلى مواقع مدن فلسطين وأحجامها والطرق التي تربطها يمكن التفكير بعدة خيارات لتوسيع رقعة الاستقرار السكاني الفلسطيني ما يمكن الدولة من استيعاب عدة ملايين اضافية من السكان.
ويرى واضعو الدراسة في هذا المجال أربعة نماذج مختلفة يمكن تصورها:
- النموذج الأول هو "النمط القطبي": الذي يقوم على مدينة واحدة كبيرة تستقطب الزيادة السكانية. ان إنشاء مدينة جديدة يوفر مزايا مركزية التنمية والتحكم فوق أرض مفتوحة تتيح تأسيس رموز قوية وإيجابية للدولة. الا انها في المقابل تخلف تحديات لوجستية وسياسية واقتصادية. كما أن فريقنا لاحظ ان أرضا قابلة لبناء مدينة "قطبية" من هذا النوع لا تتوافر على الأرجح في الضفة الغربية حاليا.
- النموذج الثاني هو "نمط المثلث": الذي يضم ثلاث مدن رئيسية كبيرة هي في هذه الحال القدس ونابلس والخليل. وخيار كهذا يخفف بعض المشكلات اللوجستية والسياسية والاقتصادية الموجودة في "النمط القطبي". ولكن معدي الدراسة يرون ان توزيع سكان إضافيين بحدود 3 ملايين على ثلاث مدن هي أصلا مكتظة سكانيا سيخلق مشكلات معقدة، وقد لا تتوافر أرض كافية لاستيعاب الزيادة.
- النموذج الثالث هو نمط الشبكة: الذي يقوم على مدن متناثرة، تتوزع عليه بنسب متعادلة السكانية. وهذا التوزيع قد يبدو نظريا خطوة إيجابية لأنه يوزع الأعباء والفوائد الا انه عالي الكلفة ولاسيما انه يتطلب شبكة كبيرة من البنى التحتية وخصوصا الطرق ممتدة على رقعة واسعة. كما أنه قد يولد حالات "تقسيمية" و"عزلية" تعرقل نمو المؤسسات الوطنية الجامعة.
- النموذج الرابع هو النمط الحبلي أو الخطي: الذي يشكل حبلا أو خطا من المدن. ولعل جغرافية الضفة الغربية تساعد على تطوير مثل هذا النمط بحيث تربط طريقا واحدة رئيسية تكون شريان مواصلات المدن الكبرى في الضفة. وبالتالي ستوفر المدن الموصولة مجالات نمو نشاطات اقتصادية وتنعش الطريق المراكز التاريخية الموجودة أصلا على طول الطريق. ثم ان تشجيع نمو المدن الواقعة على الطريق أو قربها على النمو باتجاهها يحول دون النمو العشوائي، ويربط النمو السكاني بطبيعة الأرض والبيئة. ولكن على صعيد السلبيات أنه سيساعد على تنمية المدن الموصولة على حساب المدن الأخرى خارجه ويهمشها. كما قد يخلق حال اكتظاظ اذا لم ينظم بصورة سليمة، وفي مطلق الأحوال ارتأى الفريق أن هذا "النمط الحبلي" هو الأفضل وعدا للمستقبل.
لذلك فإن غزة تحتل حيزا مهما في الدراسة إذ يعتقد واضعو الدراسة أن جزءا من محاولة تنظيم التوزيع السكاني في الضفة الغربية هو العمل على احتواء أعباء التضخم السكاني في قطاع غزة. إذ ان الكثافة السكانية في غزة تقف حاليا عند 9200 نسمة في الميل المربع ولكنها مرشحة للزيادة في السنوات المقبلة. وعليه ونظرا إلى ضيق رقعة الأراضي القابلة للاستغلال والانفصال الأرضي للقطاع عن الضفة، إذ قرر معدو الدراسة أن تكون مقاربة الوضع في غزة مختلفة ومنفصلة باستثناء مسألة ربطها بطريق نقل مع الضفة.
وفيما يتعلق بربط المدن فإن "النمط الحبلي" يركز على المدن الموجودة أصلا على طول الخط المحوري الشمالي الجنوبي في الضفة، وسيوجه النمو السكاني والتنمية الحضرية نحو هذا الخط. وفيما يتعلق بكيفية تحقيق الربط فإن واضعي الدراسة يجيبون كالآتي "إذا ما عرفنا أن مراكز معظم المدن التاريخية موصولة أساسا بـ "الطريق 60" غير ان هذه الطريق لا تكفي للحاجات المستقبلية للدولة. والسير سيبطأ عند كل وصلة أو تقاطع، ولكن لأولئك المسافرين لمسافات بعيدة ستختفي الطريق عند مفترق مدينة ما أو مدخلها لتعود فتظهر في الجانب الآخر منها. وبناء عليه لابد من أجل إيجاد شريان مواصلات شمالي جنوبي يسير بموازاة "القوس" الجبلي الطبيعي ويشمل المشروع طريق سيارات وسكة حديد سريعة يعتمد عليها تربط المدن الرئيسية ومنها الى قطاع غزة والمطار الدولي هناك. ويقدر ان يبلغ طول الطريق من جنين شمالا إلى الخليل جنوبا نحو 70 ميلا، ومع إضافة 60 ميلا للوصلة الإضافية الى غزة.
وسيحتاج المشروع أيضا إلى مشروعات موازية، كهربائية وغازية "غاز طبيعي" ومائية ترافق شريان المواصلات بطوله كاملا. كما انه من المتصور إنشاء حديقة وطنية عامة طولية على امتداد "القوس" وشريان المواصلات بخطه الحديد وطريق السيارات والشاحنات.
اما بالنسبة إلى المطار الدولي فسيكون أيضا صلة وصل مهمة وحيوية لفلسطين بالعالم ورمزا وطنيا قيما للدولة. وبالنظر إلى اعتبارات الأمن والسلامة فإن واضعي الدراسة يرون ان يتم بناء المطار في غزة لا الضفة. كذلك ستكون ثمة حاجة ماسة لميناء كبير نرى ان ينشأ الى الجنوب من مدينة غزة ويربط بشريان المواصلات باتجاه الضفة.
ومع أن البنية التحتية للمواصلات والنقل مخصصة مبدئيا لحاجات الدولة الفلسطينية، فانها في نهاية المطاف قد تشكل العمود الفقري للنقل البري بين عدد من عواصم الدول المجاورة مثل عمان وبيروت والقاهرة ودمشق، وانتهاء في المستقبل بحيفا وتل ابيب وبئر السبع. وستكون نقاط الدخول الدولية في كل من جنين وطولكرم وقلقيلية وجنوب الخليل وشرق أريحا. ويمكن تركيز الاستثمارات المخصصة للبنى التحتية فيربط هذه المناطق "الحدودية" مع خط "القوس".
وبالنسبة إلى رعاية النمو "الحبلي" فإن واضعي الدراسة يعتقدون أنه سيتم وضع المحطات الرئيسية على طول الخط في مراكز المدن التاريخية الواقعة عليه، غير أن مفهوم "القوس" يتعمد جعل المحطات على مسافة تكون بين ميلين و15 ميلا من المراكز التاريخية، والقصد هو التخفيف من كلف الاستملاك والبناء في وسط المدن.
ومن ناحية ثانية، من شأن وجود المحطات في وسط كل مدينة مفاقمة الازدحام فيها ويدفع إلى هدم المباني القديمة. وثالثا سيشجع بناء المحطات خارج وسط كل مدينة النمو المنظم باتجاه جديد مخدوم بنظام نقل حديث أقل ازدحاما.
كما أن واضعي الدراسة في تخطيطهم لإيجاد أحياء جديدة يعتقدون أن مفهوم "القوس" يتطلب استقرار بضعة ملايين من السكان على طول شريان المواصلات الجديد. وهنا سيتيسر تخطيط نمو الأحياء الجديدة على ايقاع النمو السكاني الطبيعي وعودة فلسطينيي الشتات. وبجانب المساكن ستضم الأحياء الجديدة مرافق مختلفة كالمساجد والمتاجر والأسواق والعيادات والمتنزهات والمرافق التعليمية والتربوية... الخ. وسيكون الارتفاع النموذجي للمباني بين طابقين وست طبقات، وقد تمتد هذه الأحياء من شريان المواصلات إلى مسافات تتبع المنحدرات وتتسلقها أو تزنرها. ومن المفترض ان تتأمن فرص عمل على طول هذا الشريان مع اختلاف في نوعيتها بين منطقة وأخرى وحي وآخر. كذلك على طول الطرقات الثانوية المتصلة بالشريان يمكن أن تنشأ وحدات سكنية ومرافق مماثلة.
وطبقا لما يراه معدو دراسة راند فإن هناك ما يكفي من الأرض للبناء بين المحطات المنشورة على طول شريان المواصلات وبين مراكز المدن التاريخية، وبالتالي استيعاب مليوني نسمة بكثافة سكانية وسطية تبلغ 30 ألف نسمة في الميل المربع. بينما يمكن استيعاب المليون الثالث عبر تزايد عدد المباني داخل المدن الحالية، أو إذا اختاروا في أماكن أخرى من الضفة. مع العلم انه بينما يأخذ "القوس" في الحساب التقديرات الديموغرافية حتى العام 2020 فإنه يسمح باستيعاب أعداد أكبر في المستقبل الأبعد.
وتشير الدراسة إلى أنه فيما يخص "التنمية الاقتصادية"، يستحيل اعتبار الدولة الفلسطينية دولة ناجحة ما لم تتاح لشعبها فرص اقتصادية طيبة ومستوى معيشي جديد. وبشأن "عافية الشعب"، يشير عدد من المراقبين إلى ان التحسن الطفيف جدا في الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني تحت حكم الإدارة المدنية منذ ،1994 بل والتراجع الحاد في بعض السنين، كان عاملا مساعدا في تفجر "الانتفاضة الثانية". ان من الأهمية بمكان تطوير مستوى الرعاية الصحية والتعليم، ويحتاج هذان القطاعان على رغم القاعدة المساعدة إلى تنمية ضخمة يرفدها حكم صالح ونمو اقتصادي، بجانب دعم الخبرات الأجنبية في المجالات التقنية والمالية.
ومن بين القضايا المهمة جدا أيضا في تحقيق "عافية الشعب":
الموارد المائية: إذ تؤكد الدراسة على أن حاجة الدولة الفلسطينية إلى الماء ستكون كبيرة، سواء للاستهلاك او الحركة التنموية التجارية والصناعية ناهيك من حاجات القطاع الزراعي. وحاليا لا تلبي الثروة المائية كما يجب حاجة المواطنين. ثم ان التعامل مع الثروة المائية ومياه الصرف يستهلك ويهدد بإنهاك مصادر هذه الثروة.
وأشارت الدراسة إلى ان معظم مياه فلسطين تأتي من الينابيع والآبار التي تغذيها الخزانات الطبيعية الجوفية التي تتقاسمها الأراضي الفلسطينية بشقيها المحتل العام 1948 أو .1967 وحاليا لا يتوافر من المياه للمواطنين إلا نصف ما تعتبره منظمة الصحة العالمية الحصة المناسبة للفرد ويعوق هذا الشح ري المزروعات وإنتاج الأغذية. وما يفاقم الوضع أكثر أنه سيكون متعذرا في المستقبل المحافظة على وتيرة استهلاك المياه الحالية. إذ ان ما يستهلكه الفلسطينيون والإسرائيليون من المياه يزيد عن التعويض الطبيعي في خزانات المياه الجوفية.
وتقول الدراسة: "ان الخيارات التي استعرضناها لزيادة إمدادات الثروة المائية تشمل تحسين استغلال المياه الجوفية عبر خفض معدل استهلاك "إسرائيل" لها، وزيادة جمع مياه الأمطار العواصف، وزيادة مرافق التحلية إذ لا توجد مصادر أخرى. ولعله من الممكن ادارة الوضع عبر الاستخدام الحصيف لتقنيات النجاعة، وإعادة الاستخدام، وتطوير البنى التحتية. وفي هذا الصدد نقدر انفاق أكثر من 4,9 مليارات دولار لتأمين المياه والتحكم بالصرف الصحي حتى العام .2014 ونرجح أن تخفض المبادرة إلى تطوير استراتيجيات إدارة الثروة المائية هذا الرقم بما يتراوح بين 1,3 و2 مليار دولار".
- الصحة: تؤكد الدراسة أن ما تتميز به فلسطين هو سكان متعافون نسبيا. وبالكثير من أصحاب مهن الرعاية الصحية ذوي المؤهلات العالية وبالخطط الوطنية لتطوير النظام الصحي وبقاعدة قوية من المؤسسات الحكومية والأهلية للرعاية الصحية إلا أنها تعاني من ضعف التنسيق وما يرافق ذلك من تعثر.
في تطبيق السياسات والبرامج، ووجود عدد غير قليل من ذوي الكفاءة المحدودة يعملون مستفيدين من ضعف نظام يحدد معايير الممارسة والترخيص واعادة التأهيل والتدريب، ناهيك من العجز الكبير في موازنة وزارة الصحة العامة الفلسطينية.
وأكدت الدراسة أن من أولى الخطوات الضرورية تعزيز مؤسسات نظام الرعاية الصحية والعناية الطبية في العقد الأول من عمر الدولة الفلسطينية، وذلك عبر: تكامل عملية تخطيط السياسات الصحية وتطويرها مع مساهمة من المؤسسات الحكومية والأهلية الخاصة، وتطوير برامج العناية الطبية الأولية بما في ذلك تحديث برامج التحصين الوقائي، وبرامج التغذية، والطب الوقائي، ومنع وعلاج الأمراض المزمنة وغير المعدية، ومعالجة حالات النمو والحالات العصبية. ووفق تقديراتنا سيحتاج تطوير القطاع أو الحقل الصحي ما بين 125 الى 160 مليون دولار سنويا من الدعم الخارجي خلال السنوات العشر الأولى من عمر الدولة الفلسطينية.
- التربية والتعليم: تقول الدراسة إن قطاع التعليم في الدولة الفلسطينية المستقبلية ينطلق من أرضية صلبة في الكثير من المجالات إلا أنه أيضا يواجه جملة من التحديات. منها مشكلات سوء التغذية والتشرد، ونقص التجهيزات، والمدارس المتواضعة البنية، والطرق غير الآمنة للطلبة، ونقص المجالات غير التقليدية، ونقص المدارس المتخصصة بتعليم ذوي الحاجات الخاصة. كذلك ثمة تواضع في آفاق ما بعد الدراسة، ومسارات التخصص المفيد في شتى المراحل، وتواضع مستوى الأبحاث، ومعدلات دخل المعلمين مقابل ترهل الإدارات.
لذلك فإن الدراسة تنصح بضرورة:
- المحافظة على المستوى المرتفع للاقبال على المدارس وتطوير عدد الداخلين إلى التعليم الثانوي.
- بناء النوعية عن طريق الاهتمام بمستويات المناهج والامتحانات، وتأمين موارد الدعم الطويل الأمد.
- تحسين ظروف العاملين في القطاع التعليمي وإزالة الترهل حيث وجد، والعمل على تكامل التمويل لكي يتاح لإدارات المدارس التركيز على الاهتمام بحاجات الطلبة. وتقدر الكلفة اللازمة للقطاع التعليمي بين مليار و1,5 مليار دولار سنويا خلال السنوات العشر الأولى من عمر الدولة.
وبينما لم تركز راند في دراستها كثيرا على الكيفية التي سيسعى بها طرفا الصراع في التوصل إلى تسوية فقد ركزت على ضرورة الخروج بتوصيات عملية لبناء "مؤسسات" الدولة المستقبلية في ظل خطوات ينبغي على الفلسطينيين والإسرائيليين والولايات المتحدة والمجتمع الدولي القيام بها، ومن ثم بعد اعلان تأسيس الدولة، ما يجب عمله لزيادة فرص صمودها ونجاحها، وقالت: "إن عملية بناء الدول محفوفة دائما بالمخاطر، ولاسيما أن جهات معترضة أو منشقة داخل كل من الجانبين وكذلك من أطراف خارجية ستسعى إلى تعطيل هذه العملية. وبالتالي لابد من توافر عناصر التخطيط الدقيق والموارد المؤمنة والصلابة في المواقف والتفاعل المستمر من قبل المجتمع الدولي، وأيضا الشجاعة والالتزام والجهد من قبل الشعب الفلسطيني".
أما الشكل الرسمي لدولة فلسطين الجديدة فإن الدراسة في معالجتها للجانب البنيوي والجغرافي للدولة اشارت إلى أن عدد سكان الضفة الغربية وقطاع غزة حاليا نحو 3,6 ملايين نسمة يتزايد سنويا بسرعة كبيرة. وبالنظر إلى احتمالات الهجرة إلى الأراضي الفلسطينية بعد استقلال الدولة يتوقع ارتفاع عدد السكان، بحسب الدراسة بحلول العام 2020 إلى 6,6 ملايين نسمة، منهم 2,4 مليون نتيجة الزيادة الطبيعية ونحو 600 ألف من الهجرة. ومعظم هؤلاء متوقع مجيئهم من مخيمات اللاجئين في لبنان وسورية والأردن. وبالتالي يجب تهيئة البنى التحتية الفلسطينية لتحمل هذه الزيادة.
ويرى واضعو الدراسة أن لكل دولة - وطن بحاجة إلى شكل ما أكثر ما تحدده تعرجات الحدود وتضاريسها. ولكن حتى داخل الحدود هناك أيضا شكل لتوزع الكثافة السكانية وحركة المواطنين متأثرة بالبيئة المحيطة بها.
وهم يرون أيضا أنه وإذا كان مشروع "القوس" سيساهم بمعالجة بعض حاجات الفلسطينيين، كما تقول الدراسة فإن عملية استيعاب اللاجئين تنطوي على تحديات لا يستهان بها اجتماعية وسياسية. فشرعية الحكومة الفلسطينية ستعتمد جزئيا على نجاحها في اعادة توطين فلسطينيي الشتات، غير أن تدفق عدد كبير من هؤلاء سيرهق كاهل مؤسسات الدولة الوليدة بصورة قد تهدد قدرتها على ممارسة الحكم الصالح، وبالتالي شرعيتها.
وإضافة إلى ذلك قد تجد الحكومة الفلسطينية أنها مضطرة لمواجهة شعور بعض المواطنين بأنهم صاروا أقلية في مدنهم بفعل العدد الكبير من اللاجئين العائدين. وبالتالي سيجب على الحكومة العمل على تثبيت التماسك والانسجام الاجتماعي على المستوى الوطني في مجال الحرص على توزيع اللاجئين الوافدين بصورة لا تخلق تشققات أو تنافرا بين السكان الحاليين والعائدين.
وأيضا قد تكون هناك مشكلة عند تطبيق خطط التوزيع والتوطين مصدرها فلسطينيو مخيمات الضفة والقطاع ومشردون فلسطينيون من أماكن أخرى الذين سيطالبون بتعامل مماثل لما يقدم للعائدين. وأخيرا قد تجد الحكومة نفسها إزاء مشاعر شك وتوجس نحوها من العائدين من لبنان وسورية والأردن.
لذلك فإنه طبقا لما يعتقده واضعو الدراسة فإن ثمة أراضي كافية للبناء بين المحطات المنشورة على طول شريان المواصلات وبين مراكز المدن التاريخية، وبالتالي استيعاب مليوني نسمة بكثافة سكانية وسطية تبلغ 30 ألف نسمة في الميل المربع. بينما يمكن استيعاب المليون الثالث عبر تزايد عدد المباني داخل المدن الحالية، أو اذا اختاروا في أماكن أخرى من الضفة. مع العلم انه بينما يأخذ "القوس" في الحساب التقديرات الديموغرافية حتى العام 2020 فإنه يسمح باستيعاب أعداد أكبر في المستقبل الأبعد.
ويعتقد واضعو الدراسة في سياق تناولهم لكلفة مشروع الدولة وفائدته أن مشروع "القوس" يحتاج إلى استثمارات مالية ضخمة، وفي المقابل فرص العمل في مشروع من هذا النوع وبهذا الحجم مهم جدا في حد ذاته ناهيك من الفوائد الاقتصادية والمنافع الاجتماعية البعيدة المدى.
ويقول واضعو الدراسة: "إن بناء الجزء الرئيسي من سكة حديد "القوس" من طولكرم إلى غزة سيكلف نحو 3,3 مليارات دولار بما في ذلك ثمن القطارات. أما طريق السيارات التي ستشيد ضمن شريان المواصلات الضخم فستكلف نحو 2,1 مليار دولار، بينما ستكلف الطرقات الثانوية المتفرعة نحو 275 مليون دولار. كما سيكلف بناء المحطات الرئيسية والفرعية على طول "القوس" نحو 300 مليون دولار.
وفي المقابل سيخلق المشروع فرص عمل وأماكن سكن للفلسطينيين. وبحسب التقديرات سيؤدي استثمار 8,5 مليارات دولار إلى تشغيل 530 ألف عامل / سنة في قطاع الانشاءات على أساس معطيات أردنية. ولكن بحسب معطيات مصرية تبلغ التقديرات 800 ألف عامل / سنة. وبالتالي إذا قدر ان المشروع سيستغرق خمس سنوات فإننا نقدر ان المستوى المطلوب للاستثمار سيوفر عملا لما بين 100 ألف و160 ألف فلسطيني سنويا
العدد 979 - الأربعاء 11 مايو 2005م الموافق 02 ربيع الثاني 1426هـ