أشار رجل الأعمال البحريني عبدالله عيسى الكبيسي إلى أن أزمة الإسكان أصبحت فوق قدرة الدولة، وأنه آن الأوان لأن يلعب القطاع الخاص دوره في حل المشكلة على أسس اقتصادية وسياسية واضحة وعادلة.
هذه كانت الرسالة المحورية التي تحدث بشأنها الكبيسي في حوار نظمه مساء أمس في فندق كراون بلازا.
وقال إن البلدان الأخرى لا توجد فيها وزارة إسكان، ولكن هناك مستثمرين مطورين تستخدمهم الحكومات لتطوير منطقة سكنية بكامل خدماتها ومن ثم عرضها على المواطن بأسعار معقولة بمساندة الدولة. وقال إن بالإمكان إنشاء منازل مناسبة بسعر 35 ألف دينار، وهو أمر في متناول اليد، ولكن الوضع الحالي تعقد لانعدام وجود السياسة الإسكانية الشفافة.
وفي إشارة إلى ما كان الحديث عليه عند إنشاء مدينة حمد في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، قال ان المسئولين كانوا يقولون ان مشكلة السكن تم حلها وانه لن يبقى شخص من دون سكن. ولكن ما نراه اليوم هو أن المواطن لا يستطيع شراء حتى الأرض فكيف بناء أو شراء منزل.
ثم أن هناك "سرا" يحير المشتغلين في قطاع العقارات، وهو انه لا يوجد مصدر يعرفه الناس للأراضي وكيفية توزيعها. فلا أحد يدري من هو المصدر الذي يقرر توزيع هذه القسائم أو تلك وكل ما يسمعه الناس أن هذه المنطقة أو تلك ثم تخطيطها وثم بيعها. ولكن من الذي سمح بذلك، وكيف حصل الطرف الذي يقوم ببيع القسائم على الأرض، كل ذلك غير معروف. ولذلك أصبح وضعنا مرهونا بسياسات غير معلنة وغير معروفة المصدر ولا يمكن التخطيط لحل مشكلة من دون أن يتمكن القطاع الخاص من أن يلعب دوره لحل الأزمة.
لقد أصبحت الأراضي وسيلة لاستثراء بعض الأشخاص وعدد غير قليل منهم حصل عليها بالمجان، وهذا يعني أن المواطن العادي يكدح طوال حياته من أجل أن يدفع ما يجنيه إلى شخص لم يصرف دينارا واحدا على الأرض التي يبيعه إياها.
المشروعات الإسكانية أصبحت الآن عاجزة عن مواكبة مطالب الناس، وبسبب سوء التوزيع فإن النمو الذي يشهده الاقتصاد الوطني يتم استنزافه من قبل من رتب وضعه ووضع يده على الأراضي وتاجر بها بأعلى الأثمان.
المواطن العادي لن يتمكن من الحصول على أرض ولن يتمكن من بنائها بسبب استمرار السياسة الحالية. وقد ازدادت المشكلة مع السماح للأثرياء من خارج البحرين شراء الأراضي، وهؤلاء لديهم قوة شرائية أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة مستمرة.
الباحث حسين المهدي الذي شارك في الحوار قال إن أرض البحرين مملوكة بنسبة 80 إلى 90 في المئة بصورة خاصة، وان هذه الأرقام تؤكدها المصادر الرسمية، وهذا يعني أن المواطنين لديهم فقط 10 في المئة، وهذا يؤدي إلى تفاقم وتداخل المشكلات الحياتية، وخصوصا مع ازدياد غلاء مواد البناء وعدم وجود تسهيلات كافية.
النائب عبدالله الدوسري قال ان القطاع الخاص تم تهميشه في المشروعات الإسكانية، والقطاع الخاص يستطيع أن يبني عشرة آلاف وحدة سكنية سنويا، بينما الحكومة لا تستطيع ان تنشئ سوى 1000 أو 1500 وحدة سكنية سنويا. وقال انه وجه سؤالا إلى الوزير فهمي الجودر بشأن هذا الإشكال، وان الوزير أكد أن الحكومة تخطط لإشراك القطاع الخاص في إنشاء المدينة الشمالية على ألف هكتار، والمنازل ستبنى بمعدل 1500 منزل سنويا، وهذا سيساعد في حل الأزمة.
الكبيسي أشار إلى أن القطاع الخاص سمع عن هذا الأمر منذ فترة غير قصيرة ولم ير شيئا، بل اننا سمعنا أن عملية الدفن فقط ستكلف 83 مليون دينار، ولو ان القطاع الخاص تسلم المشروع لتحركت الإنشاءات بأقل من هذه الكلفة.
مشكلة السكن قد تتحول إلى أزمة خانقة إذا لم تتدخل الحكومة وتطرح مشروعات أكثر عملية يشاركها في ذلك القطاع الخاص، وتلك هي الرسالة التي أطلقها حوار مساء أمس في فندق كراون بلازا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 979 - الأربعاء 11 مايو 2005م الموافق 02 ربيع الثاني 1426هـ