مع صدور القرار الملكي بشأن توسيع صلاحيات مجلس التنمية الاقتصادية في 8 مايو/ أيار الجاري، فإن عهدا جديدا للشركات الصناعية الكبرى قد بدأ فعلا. فحاليا لدينا شركات مثل بابكو والبتروكيماويات وألبا، وهذه تمثل نسبة كبيرة من الدخل القومي "القطاع الصناعي يمثل 12 في المئة من دخل البحرين القومي وقطاع النفط والغاز يمثل 16 في المئة من الدخل"، وهذه الشركات بحاجة إلى أن تصعد إلى متطلبات مرحلة جديدة مختلفة جدا عن مرحلة تأسيسها عندما كانت البحرين في المقدمة، وعندما كان البحرينيون يتصدرون دول الخليج في مختلف المجالات.
أما اليوم فالأمر مختلف جدا، فشركة صهر الألمنيوم "ألبا" لديها منافس في دبي "دوبال"، وقريبا سيكون لها منافسون في قطر وعمان والسعودية. وهذه الدول التي تنافسنا لديها مصادر للغاز الطبيعي، ونحن لدينا مصدر محلي محدود لا يتحمل التوسعة الصناعية "خط الصهر السادس" الذي كانت تخطط ألبا لإنشائه، ولايتحمل شركات صناعية كبرى أخرى الا اذا توافرت مصادر الطاقة الكافية.
ولذلك كان الإعلان القطري الأسبوع الماضي مفرحا للجميع بعد أن تقرر إمداد البحرين بالغاز الطبيعي عبر الانابيب من خلال اتفاق مدته الزمنية 25 عاما قابلة للتجديد. وتصدر سمو ولي العهد الجهود مع المسئولين القطريين من خلال اللجنة المشتركة بين البلدين، كما يتصدر سموه أيضا المفاوضات بشأن الاتفاق على إنشاء "جسر المحبة" الذي سيربط البحرين بقطر. وهذا يعني أن المستقبل التكاملي بين اقتصادي البلدين بدأ، وأن استكماله يتطلب مساندة الجميع، وإصدار المرسوم الملكي جاء في وقته لتأكيد أن مجلس التنمية الاقتصادية برئاسة سمو ولي العهد هو الذي سيتولى هذه المشروعات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى.
شركة بابكو لديها الكثير من الفرص وأمامها تحديات كبيرة جدا، وهي لن تستطيع أن تتخطى هذه التحديات إلا إذا تمت إدارتها على أسس "اقتصاد السوق". وهناك حاليا خلاف فيما إذا كانت بابكو تحقق أرباحا، على رغم أن حسابات الشركة تؤكد ذلك. وقد طرح النائب جاسم عبدالعال - حديثا - سؤالا في مجلس النواب يستفسر عن الأمر ولم يحصل على جواب شاف. وقناعة عبدالعال هي أن بابكو لا تحقق أرباحا لو احتسبت الحكومة كلفة 35 ألف برميل يوميا يتم إنتاجها محليا في حقل البحرين. وبحسب عبدالعال، فإن هذه الكمية تحتسب مثل "الهدية"، ولذا فان بابكو لا تدفع مقابلها أي شيء لوزارة المالية، وبالتالي فإن حسابات بابكو تميل الى جانب الربح لانعدام كلفة شراء النفط المحلي.
شركة البتروكيماويات تعتبر ناجحة من الناحية التقنية ولديها قدرات واسعة لأن تكون أنجح مما هي عليه، ولكنها محكومة حاليا ببيروقراطية بطيئة أيضا.
هذا هو وضعنا حتى مطلع هذا الشهر. ولكن صدور المرسوم الملكي رقم 31 لسنة 2005 نقل صلاحيات تعيين قادة الشركات الكبرى ونقل صلاحيات المشروعات الاستثمارية والاقتصادية الكبرى إلى مجلس التنمية الاقتصادية الذي يرأسه سمو ولي العهد. ومجلس التنمية يديره مجلس إدارة نصفه من الحكومة والنصف الآخر من القطاع الخاص، وهذا يعني أن إدارته لهذه الشركات ولاقتصاد البحرين ستعتمد على مفاهيم "اقتصاد السوق" المتطورة التي حركت وتحرك عجلة النمو في مختلف أنحاء العالم.
المرسوم الملكي الخاص بمجلس التنمية الاقتصادية صدر مطلع هذا الأسبوع، والأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد آثار هذا المرسوم الإيجابية التي ستأخذ بيدنا جميعا نحو المكانة التي نستحقها وتستحقها بلادنا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 978 - الثلثاء 10 مايو 2005م الموافق 01 ربيع الثاني 1426هـ