منذ أن دشنت فكرة الصناديق الخيرية والآمال كبيرة بشأنها. وخصوصا أن دورها تعدى الشأن الاجتماعي وانطلق إلى آفاق أخرى تعنى بالشأن التعليمي التنويري والبيئي وخلافه. ونحن في هذا المنتدى سنحاول تقييم تجربة الصناديق الخيرية بنجاحاتها واخفاقاتها طوال العام الماضي. لنستشرف مستقبلها ودورها سواء على مستوى المجالس البلدية أو النيابية. من خلال الحوار مع مجموعة من العاملين في الصناديق الخيرية وهم علي عبدالحسن محمد من صندوق المعامير. عبدالحسن المتغوي من صندوق الدراز. عبدالله عيسى السبع من صندوق عراد. أحمد الخباز من صندوق السنابس. ورائد عبدالكريم من صندوق المنامة.
لنبدأ هذا المنتدى بسؤال تقليدي ولكنه مهم... هل استطاعت الصناديق الخيرية أن تقوم بدورها وأن تدشن فعلا لعمل تطوعي مختلف؟
- الخباز: "أتصور أن الصناديق الخيرية وبسبب تاريخها النزيه في العمل الاجتماعي أثبتت وجودها واستطاعت أن تمتلك ثقة كل المعنيين من رسميين أو من القطاع الخاص أو من أصحاب الأيادي البيضاء. فهناك الكثير من الأشخاص الذين يطلبون المساعدة والذين لا يستجاب لهم ولا تعتمد طلباتهم الا إذا اعتمدتها الصناديق الخيرية. وتلك خصلة كبيرة ومزية فريدة للصناديق الخيرية. ما يدل على أنها تتحرك على أرضية واضحة وشفافة ونزيهة وبعيدة عن المحاباة".
- المتغوي: "إن جميع الصناديق الخيرية ومنذ أن تأسست وهي ذات أسبقية في العمل الخيري. فجميع أعضائها يمارسون أعمالهم عن طريق الانتخابات، فهم يتحلون بالنزاهة، إذ أن المجتمع لا يختار سوى النزيه، ودليلي على ذلك أننا ومنذ انطلاق فكرة الصناديق لأول مرة وحتى اليوم واستنادا إلى التدقيق والاشراف الحكومي لم يحدث أن رفعت أية قضية على الصندوق كمخالفة للقانون أو مخالفة للجانب المالي".
- عبدالكريم: "اننا ومنذ أن تسلمنا الصندوق منذ عام ونصف العام تقريبا، والإنجازات مستمرة. والتعاون بين الصناديق الخيرية يأخذ أبعادا جديدة مختلفة. إذ كانت الصناديق الخيرية تقوم بالعمل لوحدها من قبل فكل صندوق له عمله الخاص. لكن الأمر تغير الآن. فأصبحت كل مجموعة صناديق تعمل مع بعضها، هذا إلى جانب حلم اتحاد الصناديق. كذلك هناك اختلاف في المعاملة مع المستفيدين من الصندوق بحيث لا يكون هناك نوع من تربية المستفيدين. فلا نقوم بتربية الفقير على أن يستلم كل شهر مبلغا معينا".
- السبع: "اعتقد أن الصناديق الخيرية تقوم بواجبها في خدمة الوطن على أكمل وجه فهي تخدم الوطن بجهود جبارة مجانية في جميع المجالات سواء التعليمية، أو البناء والتنوير. لكن الحكومة لا تقدم أي شيء للصناديق بتاتا. أللهم الا مسألة التدقيق على الصناديق. فهو عمل ضبطي ممتاز. ولكن الصناديق تحتاج إلى مقرات وإلى موازنة ولو بشيء يسير فنحن لا نعمل مقابل راتب وانما ابتغاء الثواب من عند الله سبحانه وتعالى. ونحن لا نطلب سوى الدعم اليسير. فعلى سبيل المثال وعلى رغم عطاء الصناديق الخيرية الكبير فإنها لم تكلف نفسها بعمل ورشة عمل في كيفية التعامل مع المواطنين المحتاجين. ولا أعلم حقيقة سبب هذا التجاهل".
مشكلات تتكرر كل عام
وهل استطاعت تجربة عام على الصناديق الخيرية، أن تلغي الكثير من المشكلات والعقبات أم أن الصناديق لاتزال تعاني من المشكلات ذاتها؟
- المتغوي: "هناك مشكلة تتكرر في كل عام وتعاني منها الصناديق الخيرية وهي غياب قانون للصناديق الخيرية فهو حتى هذه اللحظة غير موجود. وما هو موجود قديم ومنذ أعوام طويلة. وقبل أربعة أعوام - أي في فترة الانفتاح في البلد - دعينا من قبل الوزارة وطلب من الصناديق الخيرية ومن المحامين وضع تصور دستور لهذه الصناديق، ليوضح طبيعة علاقة الصناديق مع وزارة العمل. ولكن حتى الآن لم يوضع هذا التصور ولم يعرض على الجهات المختصة. مع كونه جهدا كبيرا ومهما لأن ذلك يساعد الصناديق على ألا تكون أنشطتها متضاربة ويفتح مجالا أوسع لها للتحرك بدلا مما تعانيه الآن من تضييق من قبل الوزارة الأمر الذي يجعلها لا تستطيع التحرك بحرية.
الأمر الآخر هو النظرة العامة للصناديق من قبل الجانب الرسمي. فهي نظرة متذبذبة فهي حينا مؤيدة ومتجاوبة وهي حينا معارضة، بينما يجب على وزارة العمل أن توفر الاشهار لنا وتساعدنا في تقديم الخدمات وتسهل لنا الأمور. فوزارة العمل لم توافر لنا حتى الأشياء البسيطة على سبيل المثال طلبنا منها أن توافر لنا عن طريق أحد المصارف في البحرين اشتراكا لكنها لم تستطع أن تطلب من هذا المصرف أن يبقي على الوضع القديم وأن يتسلم الاشتراك الشهري فلا يفرض على الصناديق عمولة.
لقد طلبت الصناديق الخيرية من الوزير السابق عبدالنبي الشعلة ومن الوزير مجيد العلوي أن يتم توفير الأراضي والمقرات والدعم ولو كان بسيطا كإلغاء فاتورة الكهرباء ولكن لم يتحقق شيء. واستبشرنا خيرا بوصول وزيرة الشئون الاجتماعية الجديدة فاطمة البلوشي. ولكن للأسف فوجئنا بالنظرة القاصرة الينا من قبل الوزيرة. فهي نظرة سلبية للغاية. وكأننا في محل اتهام ومراقبة".
أمام هذا العطاء. لماذا لم يبرز دور للصناديق الخيرية بالنسبة الى المجالس البلدية والنيابية؟
- الخباز: "في الواقع تبدو هذه المسألة غريبة، ففي الوقت الذي يكون فيه المشتغلون في الصناديق أكثر خبرة ودراية واهتماما بمشكلات مجتمعهم من خلال العمل على أرض الواقع وليس الاكتفاء فقط بالكلام. نفاجأ بأنهم لا يفسح لهم المجال للانضمام الى المجالس البلدية ولا البرلمانية. مع وجود فرق شاسع بين أن يطلع الفرد منا على هذه المشكلات وبين أن يمارس هذا الاطلاع كحال حياة في المجتمع، فهي اذا حال من حالات الممارسة وليست حال من حالات الاطلاع. ولو استطاع هذا الإنسان غير الممارس لمسئولياته التعرف على مشكلات مجتمعه ومن ثم قام بعرضها على الناس فإن الناس ليسوا بذلك الغباء وتلك السذاجة لينخدعوا بذلك. فالمشكلة أنه حتى الآن يوجد من المجالس البلدية والنيابية من لا يتحسس آلام الناس. فهو قادر على الاطلاع على مشكلاتهم ويمكنه نشرها في الصحف لكن أين العمل على أرض الواقع؟!".
- عبدالحسن: "قبل أن أجيب على هذا السؤال أتساءل هنا من كان المسئول عن كفالة الأيتام بداية؟! أليست هي الصناديق الخيرية وكذلك مشروع الآيلة إلى السقوط أليست الصناديق الخيرية هي من تبنته؟! ان هذين المشروعين الكبيرين لما وقفا على قوائمهما انتهى دورنا وتحولا إلى الجهات الرسمية ولكن ما هو المقابل الذي حصلنا عليه نحن في الصناديق الخيرية؟! حتى شهادة شكر لم يتم اعطاؤنا اياها. وعلى أساس ذلك أتساءل مرة أخرى لماذا يحرم من يعمل في الصناديق الخيرية من حق الدخول في المجالس البلدية والنيابية؟ اني أؤكد هنا لو أن الفرصة أتيحت لهؤلاء في ترشيح أنفسهم لكان النجاح حليفهم لأن الناس تعرفهم وتعرف اخلاصهم".
حكاية اللقاء مع الوزيرة
اللجنة المشتركة بين الوزارة والصناديق التي دعت اليها الوزيرة فاطمة البلوشي، ما سر الاختلاف بشأنها؟ ماذا عن مشروع اتحاد البحرين للصناديق الخيرية، ألم يكن بالإمكان أن يحل الكثير من الإشكالات؟ لماذا أخفقت التجربة؟
- الخباز: "لقد دعينا ضمن الدعوات التي وجهت للصناديق الخيرية إذ فهمنا من الخطاب المرسل ان هناك لقاء مفتوحا مع وزيرة الشئون الاجتماعية فاطمة البلوشي وتلك حال طبيعية جرت عليها العادة مع الوزير السابق عبدالنبي الشعلة والوزير عبدالمجيد العلوي. وكان عدد الحاضرين كبيرا لأن مجمل الصناديق تقريبا كانت حاضرة بنسبة 98 في المئة. وفي ذلك دليل على مدى اهتمام مجالس ادارات الصناديق وأمنائها بحضور أية فعالية رسمية من أجل ايصال صوتها بشكل واضح إلى المسئولين. وعند الاجتماع مع الوزيرة كان واضحا أن هناك مجموعة من الرسائل التي أرادت الوزيرة ايصالها لنا. ولكن مع نهاية اللقاء أرادت الوزيرة تشكيل لجنة مكونة من جميع الصناديق من أجل طرح ما تم الاتفاق بشأنه أو الاختلاف بشأنه في الحوار ليرفع بعد ذلك إلى الوزارة لتدارس هذه المرئيات. إذ أرادت الوزيرة بشكل مستعجل ان تشكل هذا الاتحاد في خضم تشنجات واختلافات في الحوار غير الهادف. والبون الشاسع بين الآراء. فقام بعض الاخوان وخصوصا من اللجنة التحضيرية التي تم تشكيلها للاتحاد وأوضح أن هناك فريقا منتخبا ومنسقا من قبل جميع الصناديق التي دعيت وحضرت هذا الاجتماع كان يدعوا ويعمل على إقامة هذا الاتحاد لذلك قامت هذه المجموعة بمخاطبة جميع الصناديق، عن طريق الفاكس والرسائل المسجلة ولكن للأسف فإن البعض تحفظ على دخول هذا الاتحاد بسبب الاختلاف المذهبي. وللأسف ان أخذ الأمور بهذا المنظور سيرجعنا إلى الوراء. ولن يقتصر الأمر بنا فقط على الصناديق الخيرية بل سيمتد إلى زوايا أخرى.
وكنت أتمنى من الوزيرة وقتها أن تحسم هذا الموضوع إذ كنت متيقنا من أن لديها علما تاما بوجود لجنة تحضيرية منتخبة، وإذا كانت لا تعلم فإن من كان موجودا من الوزارة كان يعلم أن هناك لجنة تحضيرية منتخبة. واننا نخول هذه اللجنة التحضيرية لكونها منتخبة ومنسقة من قبل الصناديق بالقيام بدورها، وإذا أرادت الوزارة أن تجتمع فعليها أن تلتقي بهذه اللجنة التحضيرية. إذ كان الاقتراح أن تجتمع لجان. بسيطة بآلية بسيطة تقوم على أساس المحافظات مع وجود نسبة وتناسب في المسألة. فأنت لا تستطيع مثلا أن تقارن بين المحافظة الشمالية والمحافظة الجنوبية من ناحية عدد الصناديق والكثافة السكانية. ولا تستطيع أن تقول إن عدد الصناديق الموجودة في العاصمة يوافق ما هو موجود في المحرق. فبالتالي اقترحنا أن تكون هناك نسبة وتناسب. ليجلس صندوقان أو ثلاثة من هذه المحافظات جلسة أولى، على أن تقوم الوزارة بدعوة كل الصناديق من محافظة واحدة على حدة لتشكيل هذه اللجنة. لكن الذي حدث هو أن الوزارة لم تكلف نفسها حتى بكتابة اسم الصندوق على الخطاب المرسل. وانما هي رسالة واحدة أدخلت في الفاكسات وتم ارسالها لجميع الصناديق ولم تقم الوزارة بمتابعتها في حين أنها تطلب المتابعة والتنسيق فيما بيننا. وتغفل عن كوننا قد نسقنا اللجنة التحضيرية. فلماذا لا تقدر الوزارة هذا الدور وتأخذ دورها؟! اننا قمنا بإعداد النسخة الأولى من النظام الأساسي، فمن يريد أن ينضم إلى الاتحاد حياه الله ومن لا يريد فالاتحاد لا يجبر أحدا. فعلى الوزارة أن تتعامل مع اللجنة التحضيرية بتحضر، وإذا كانت هناك طعون في انتخاب هذه اللجنة فاليتقدم إلى الوزارة من يرى أنها لم تنتخب بشكل صحيح
العدد 978 - الثلثاء 10 مايو 2005م الموافق 01 ربيع الثاني 1426هـ