هناك من يعمد إلى التقليل من دور الجيش السوفياتي "الأحمر" في تحرير أوروبا من الفاشية، مركزين على إبراز الدور البريطاني متمثلا في رئيس وزرائها السابق تشرتشل، وخصوصا في دحر ألمانيا النازية، ولكن من المعروف أن الرئيس الأميركي السابق روزفلت قال في رسالة إلى تشرتشل في أبريل/ نيسان 1942 أن الشعبين الأميركي والبريطاني يدعوان إلى ضرورة الهجوم على ألمانيا من أجل تخفيف معاناة الشعب الروسي الذي يحارب لوحده ألمانيا آنذاك.

لقد رحب روزفلت بفتح جبهة ثانية لمحاربة الألمان، ولكن تشرتشل وقف موقفا مغايرا عندما رفض أن تهاجم القوات البريطانية ألمانيا مباشرة واختار لقوات بلاده الحرب ضد ألمانيا في اليونان أو إيطاليا ليترك بذلك القوات الألمانية الفاشية "الرئيسية" تحارب قوات الاتحاد السوفياتي "السابق" وتلحق به أكبر ضرر ممكن، بينما بدأت القوات الأميركية والبريطانية هجومها مع العام ،1944 أي عندما أدرك الحلفاء أن الجيش الأحمر يستطيع تحرير أوروبا من دون مساعدتهم.

وقائع هذا التاريخ سردها أحد المقاتلين القدامى الجنرال فيليب بوبكوف أحد الذين خاضوا الحرب العالمية الثانية متحدثا عن دور الجيش الأحمر في تحرير شعوب أوروبا من الفاشية التي مرت أمس ذكراها الستون، واحتفلت بها غالبية العواصم الأوروبية المعروف بـ "يوم النصر"، ولكن عندما نقرأ ونتمعن ما كتب عن هذه الحرب في كتب التاريخ وأثرها على الشعوب الأوروبية فإننا نستنتج أن دحر الاتحاد السوفياتي لألمانيا النازية لم يحرر أوروبا فقط، بل أنقذ شعوبها أيضا من الانقراض، بمعنى أن ما كان يعرف بـ "مصانع الموت" التي كانت منتشرة في أرجاء واسعة في أوروبا، والتي قتل فيها نحو 11 مليون مواطن سوفياتي على سبيل المثال، لهو إشارة واضحة لإبادة الشعوب السلافية، ما يعني أن اليهود في أوروبا لم يكونوا الوحيدين الذين شملتهم عملية الإبادة من قبل النازيين، إذ يبدو ذلك جليا فيما كتبه زعيم النازية هتلر في كتابه "كفاحي" الذي صدر في العام 1924 قائلا: "إننا نجد في غزو الأراضي التي يمكن أن يسكنها الألمان حلا لمشكلاتنا، وعندما نتحدث عن غزو الأراضي في أوروبا نقصد روسيا والدول التابعة لها"!

وعلى رغم مرور السنوات على انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أن نظرية هتلر مازالت تطبق، ولكن في أوجه وظروف وأمكنة مختلفة، بينما من يطبقها اليوم هو ذاته من ذاق من مرارتها في الماضي