نشرت وكالات الأنباء العالمية الاسبوع الماضي خبر شراء تركيا الأسلحة من الولايات المتحدة الأميركية بقيمة "1,1" مليار دولار، وذلك لتحديث "117" مقاتلة تركية من طراز "أف - 16". ونقلت هذه الوكالات أيضا تصريحا لوزير الدفاع التركي وجدي غونول، يؤكد من خلاله "الحلف الاستراتيجي" بين الدولتين في كثير من القضايا الإقليمية بما فيها منطقة البلقان والقوقاز والشرق الأوسط.
لا أعتقد أن مثل هذا الخبر يمر دون أن يستوقف أحدنا، ليستفسر عن أبعاد هذا التجهيز العسكري ودلالاته وأهدافه.
إن هذه الصفقة ربما تكون مصدر خوف لدى الأكراد أكثر من أي طرف آخر، وذلك بسبب وجود الحساسية من جهة، وبسبب الحرب المدمرة التي شنتها تركيا على الأكراد من جهة أخرى. وما يلفت الانتباه أيضا كيف قامت القيامة ولم تقعد عند تسرب خبر انجاز سورية صفقة بشراء الاسلحة من روسيا، أصبحت بموجبها سورية متهمة، ووصف هذا الامر بأنه إخلال بالتوازن في المنطقة. والسؤال: كيف يخل شراء سورية السلاح بالتوازن في المنطقة، بينما شراء السلاح من قبل تركيا لا يخل بالأمن في المنطقة؟ أليست تلك ازداوجية واضحة ولا تحتاج الى التعليق؟
والسؤال الآخر: ترى لماذا هذه الاسلحة في هذا الوقت؟ وهل تحتاج تركيا الى قوة تسليحية مع انها في المراتب الاولى من الحلف الاطلسي، ولأجل ماذا تقوي تركيا نفسها وتوجه سلاحها؟ وهل ستحتاجه لأجل الحروب في نيغورني قرهباغ، أم لدعمها لأقلية تنتمي إلى يها عرقيا كدعمها للتركمان في العراق؟ أم ان هناك حروبا أخرى لم تفصح عنها تركيا؟
اعتقد من حق أي فرد من هذه المنطقة أن يسأل عن خلفية هذه الصفقة، وان يبدي تخوفه من مثل هذه الصفقات. والغريب أن لا أحد من المثقفين العرب ولا أية دولة عربية علقت على هذا الامر، مع ان المنطقة لا تتحمل حروبا أخرى، فهي مثخنة بالجروح وقد شبعت من الحروب. أظن ان الخوف من تركيا بدأ ينطلق من جديد وخصوصا بعد أن عاد دور العسكر ليستعيد مجده وتأثيره في القرارات الحكومية.
وزاد هذا الدور أكثر بعد انسحابات لعدد من البرلمانيين بالتدرج من كتلة "العدالة والتنمية" في البرلمان، الأمر الذي حتى الاتحاد الأوروبي بدأ يتخوف من هذه التطورات، أي رجوع العسكر وتدخله في الحياة السياسية وليس من صفقة الاسلحة. ولابد هنا من الاشارة الى ان الاسباب التي تدفعنا الى التخوف أكثر وهي: النقاشات التي تتم في تركيا بشأن "إبادة الارمن"؛ الحملة العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني واتهامها قبل أيام لأكراد العراق بدعمهم لهذا الحزب ونفيهم، إضافة الى دعمها لتركمان العراق وتدخلها في شئون العراق الداخلية؛ إضافة الى ذلك المناخ الاقليمي المتوتر. كل هذه العوامل القابلة للاشتعال بين لحظة وأخرى، يدفعنا للخوف من كل دولة تزيد من سلاحها وقدراتها القتالية وخصوصا عندما تكون هذه الدولة في حال حرب مع دولة أخرى
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 976 - الأحد 08 مايو 2005م الموافق 29 ربيع الاول 1426هـ