بعد منتصف التسعينات من القرن الماضي أطلق جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عندما كان وليا للعهد الدعوة لإقامة اتحاد بحريني قطري. وقد نظر المراقبون في تلك المرحلة إلى هذه الدعوة على أنها تحرك دبلوماسي بحريني يهدف إلى احتواء النزاع الحدودي البحريني القطري السابق.
وبغض النظر عن نتائجها وترحيب قطر بلسان أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لهذه الدعوة في العشرين من يوليو/ تموز .1997 إلا أنه لابد من الإقرار بأن هذه الدعوة ستظل ثابتة في أدبيات تاريخ العلاقات الإقليمية بين المنامة والدوحة، وعليه يمكن للباحثين النظر فيما ترتب على هذه الدعوة بعد سنوات.
واليوم يمر عقد كامل تقريبا على الدعوة البحرينية لإقامة الاتحاد الثنائي، وقد شهدت العلاقات البحرينية القطرية تطورات مهمة، وزادت كثافة العلاقات بشكل لافت أكثر من أي وقت مضى منذ استقلال البلدين العام .1971 ومن المهم الإشارة إلى أبرز المنجزات التي تحققت بعد إطلاق المبادرة البحرينية نحو الاتحاد الثنائي.
في البداية تمت معالجة الملف الحدودي بين البلدين والذي ظل عالقا لسنوات طويلة من خلال قرار محكمة العدل الدولية، وبذلك انتهت الخلافات بشأن المياه والأراضي الإقليمية تماما، وهو ما هيأ المجال للبلدين لبدء مرحلة جديدة من العلاقات، دشنت بتأسيس اللجنة البحرينية القطرية العليا المشتركة في العشرين من فبراير/ شباط 2000 التي يترأسها وليا عهد البلدين، وتهدف اللجنة بحسب المادة الثانية من اتفاق إنشائها للوصول إلى مستوى من التعاون والتنسيق السياسي في جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون الدبلوماسي والقنصلي في علاقات البلدين مع الدول الأخرى، بالإضافة إلى الوصول إلى أعلى مستوى من التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية وإقامة المشروعات المشتركة وتشجيع الاستثمار في البلدين، وتوثيق التعاون الأمني وتبادل المعلومات بما يرسخ الأمن المشترك للبلدين، وتعزيز التعاون في مجالات الإعلام والثقافة والرياضة والبحث العلمي ومجالات التعاون الأخرى التي يتفق عليها البلدان. أما مهمة اللجنة فقد حددتها المادة الثالثة من الاتفاق التي أشارت إلى أن مهمتها وضع السياسة العامة للتعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والمجالات الأخرى التي تقتضيها مصلحة البلدين.
وتعقد اللجنة اجتماعاتها الدورية سنويا منذ تأسيسها، وتم تشكيل أربع لجان تخصصية منبثقة عن اللجنة العليا المشتركة، وهي: اللجنة الوزارية الفنية المشتركة لجسر البحرين قطر، اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون الاقتصادي والمالي والتجاري، اللجنة الوزارية المشتركة الخاصة بالنفط والغاز، اللجنة الفنية المشتركة الخاصة بوضع ضوابط للسماح بالصيد التقليدي في المياه الإقليمية.
كما تم توقيع اتفاق تنظيم خدمات الملاحة الجوية بين حكومتي البلدين في الرابع والعشرين من أبريل/ نيسان .2000 وتم أيضا تبادل السفراء لأول مرة في تاريخ العلاقات الثنائية للبلدين، وأخيرا تم الاتفاق على تزويد البحرين بالغاز القطري على المدى الطويل.
مثل تلك الإنجازات المهمة تشير إلى أن اللجنة العليا المشتركة تعد من أنشط اللجان الإقليمية الفاعلة في العلاقات الخليجية الخليجية. وأن العلاقات البحرينية القطرية أصبحت مثالا ممتازا لعلاقات البحرين الإقليمية.
ولكن يبقى السؤال: هل بالإمكان إنشاء اتحاد بحريني قطري؟
وللحديث صلة..
العدد 975 - السبت 07 مايو 2005م الموافق 28 ربيع الاول 1426هـ