ماذا تريد أن تقول وزارة الداخلية، عندما التقطت صورة اعتصام التعديلات الدستورية الذي نظمه التحالف الرباعي الجمعة الماضي؟ ماذا تريد من تلك الصورة الجوية التي لا أحد يعلم متى التقطت هل قبل بدء الاعتصام أم بعد انتهائه أم في أثنائه، هل تريد الوزارة القول بأن الأعداد التي حضرت الاعتصام، هي عشرات أو مئات في أحسن الأحوال، أم تريد القول بأن نسبة المعتصمين هي أقلية، أم ما الرسالة التي تريد أن توصلها عبر صورة التقطت من أعلى عليين؟ لا أعتقد بأن من صالح وزارة الداخلية اللعب بورقة العدد، فهي تعلم جيدا بأن جمعيات التحالف الرباعي ليست لديها مشكلة عدد، فالضرب على وتر الأرقام لن يخدم كثيرا، وخصوصا أن تلك الجمعيات تستطيع أن تحشد العدد الذي تريد، وأن الضرب على وتر "المخالفة القانونية" وإن لم يحقق نجاحا باهرا في مسيرة سترة إلا أنه كان أكثر فاعلية على الأقل من الوتر المستخدم في مسيرة السنابس.

لن أجدد مطالب المعارضة، ولن أسرد تبريرات الحكومة، ولكن التعامل مع حادث كهذا يجب ألا يكون من خلال صورة التقطت من الجو، أو من خلال تصريح يشم منه استبعاد الحوار خيارا أولا للاستماع إلى وجهة نظر المعتصمين ولو كانوا أقلية، حتى ولو كانوا عشرة مواطنين، لأن الديمقراطية ليست مبنية على الأخذ برأي الغالبية فقط، بل على تحقيق مطالب الأقلية أيضا، هذا إذا كان المعتصمون أقلية، كما بدا لعدسة وزارة الداخلية.

الأصوات التي توحي بالاستغناء عن الحوار، أصوات لن تلقى صدى أبدا، ولن يستمع إليها أحد، سواء كانت هذه الأصوات من المعارضة أو من الحكومة، وإن السجال بأدوات تسحب بساط الحوار من تحت أقدام الطرفين سجال لا يستحق أن يستمر، ولا يمكن الإنكار بوجود أصوات في السلطة والمعارضة قادرة على الدخول في حوار جاد، يحقق المزيد من السكينة في بلد السكينة