العدد 975 - السبت 07 مايو 2005م الموافق 28 ربيع الاول 1426هـ

عون... العائد

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

أمس عاد قائد الجيش اللبناني السابق العماد ميشال عون إلى لبنان بعد غياب قسري دام قرابة 15 عاما. وعشية وصوله استقبلته متفجرة في جونيه. هذه المدينة الجميلة التي تعتبر تقليديا عاصمة كسروان معقل الموارنة. عودة عون مشكلة وعدم عودته مشكلة أيضا، وفي الحالين هناك خسائر سياسية تقابل بعض الأرباح السياسية. إلا أن عودته إلى بلده هو الخيار الأفضل؛ لأن غيابه فقد مبرراته المنطقية بانسحاب القوات السورية واختلاط الأوراق اللبنانية وظهور تحالفات جديدة وتلاشي تحالفات قديمة.

العودة إذا هي إعادة اعتبار لظاهرة فرضت حضورها السياسي في فترة امتدت على عامين "1988 - 1990"، ثم عادت لفرض حضورها مجددا خلال فترة غياب عون في فرنسا. إلا أن العودة كما يبدو يشوبها الحذر من بعض مراكز القوى في تيار المعارضة. كذلك يشوبها القلق من جهات تعتبر موالية.

هذا الحذر من جهة والقلق من جهة أخرى يعطي إشارات عامة لفهم تلك التعارضات القائمة على الأرض بين تيار عون "المسيحي في غالبيته"، والمعارضة المسيحية "قرنة شهوان تحديدا" التي مثلت الشارع في المجلس النيابي والحكومات المتتالية إلى فترة طويلة من دون منازع لها. كذلك يمكن أن نفهم بعض المخاوف التي عبرت عنها شخصيات وأحزاب من الموالاة والمعارضة المسلمة.

ماذا تقول تلك الإشارات العامة؟ هناك اتجاهات مسيحية "مارونية تحديدا" تتخوف من إقدام تيار عون على منافستها في الانتخابات النيابية التي ستبدأ جولتها الأولى في نهاية الشهر الجاري. وتتركز المخاوف على الأمر البديهي الآتي، وهو أن المنافسة تعني إضعاف الطرفين وزيادة فرص الخصوم التقليديين في النجاح أو على الأقل الاستفادة من الخروقات المحتملة. وهناك أيضا بعض الزعامات أو القيادات المارونية الطامحة إلى الفوز بأكبر كمية من المقاعد تصبح عرضة للسقوط أو على الأقل تضطر إلى تقاسم نفوذها مع تيار عون. كذلك - وهذا هو الأهم - هناك بعض رموز المعارضة المارونية تفكر في ترشيح نفسها لانتخابات رئاسة الجمهورية في وقت يعتبر عون من أبرز المنافسين على هذا المنصب.

هذا من ناحية التيار المسيحي - الماروني المعارض. أما من ناحية التيار المسلم "السني - الدرزي تحديدا" المعارض فهناك أيضا مخاوف تلتقي مع المعارضة المسيحية في جوانب محددة. وأبرز تلك الجوانب أن تيار عون يعتبر نفسه يمثل كل اللبنانيين وليس طائفيا، وبالتالي يمكن أن يفكر أو يبحث في ترشيح موالين له في المناطق المسلمة ممثلين عن تياره في المجلس النيابي.

الهواجس كثيرة من عودة عون وهي على كثرتها اختلطت بالبيانات والتصريحات التي رحبت بالعودة، وأعربت عن فرحتها بلم شمل كل اللبنانيين من دون تفرقة أو تمييز.

إلا أن المشاعر المختلطة بين الفرح والهواجس تعكس وجود مخاوف من احتمال إقدام تيار عون على قلب الطاولة، وكسر التحالفات التي استقرت متأرجحة يمنة ويسرة منذ التمديد للرئيس الحالي اميل لحود في سبتمبر/ أيلول الماضي. فالمعارضة التي قادت المعركة السياسية موحدة ضد تحالف الأجهزة الأمنية السورية - اللبنانية لم تعد موحدة كما كان أمرها قبل خروج آخر جندي من لبنان. والموالاة التي دافعت عن ظروف الفترة السابقة، وبررت تصرفاتها ضمن حالات معينة لم تعد موحدة كالسابق بل باتت مضطرة الآن إلى التحالف مع خصم سورية الأول "ميشال عون" في بعض الدوائر الانتخابية لتحقيق التوازن المطلوب للحد من مكاسب المعارضة.

تحت هذا السقف المتأرجح عاد عون أمس في لحظة حرجة وحساسة لمختلف الاتجاهات السياسية وما تمثله من لقاءات ظرفية ومصلحية فرضتها مجموعة شروط يصعب الاحتفاظ بها كما هي أو كما كانت عليه. ويبدو أن عون يدرك هذه المسألة وحاجة كل طرف "فريق سياسي" إليه لتمرير الشوط الأخير من التجاذبات الطائفية والمذهبية وهو يتركز الآن على إجراء الانتخابات في مواعيدها.

عون لاشك طامح بالكثير بعد عودته أمس، ويقال إنه يفكر بترشيح رموز تياره في مختلف المناطق متجاوزا بذلك نظام الحصص الطائفية "الكوتا". وهذا الأمر بحد ذاته يشكل مصدر قلق وتوتر لمختلف التيارات من معارضة وموالاة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 975 - السبت 07 مايو 2005م الموافق 28 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً