المنتدى الاقتصادي العالمي "منتدى دافوس" يجمع كبار السياسيين والتنفيذيين والاقتصاديين والأكاديميين في العالم، وسيعقد المنتدى مؤتمره الإقليمي الثالث لمنطقة الشرق الأوسط في البحر الميت في الأردن في الفترة ما بين 20 و22 من الشهر الجاري، ويتوقع حضور أكثر من 800 شخصية قيادية. المنتدى اختار عنوانا لمؤتمره وهو "اغتنموا الفرصة".
يقول منظمو المؤتمر إن أمام القادة في الشرق الأوسط تحديات كبيرة من شعوبهم التي تطالب بمزيد من المشاركة في القرار ورفع مستوى المعيشة، وإن أمام القادة أيضا فرصا قد لا تتكرر مرة أخرى، ومن أهم تلك الفرص ازدياد مدخول النفط من جانب، والاهتمام الدولي الحالي بمشروعات الإصلاح.
مشروعات الإصلاح تعددت كثيرا، وأصبح بعضها ضائعا. ولعل من المشروعات التي لم تسجل حضورها بعد تلك التي أطلقتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "نادي الأغنياء" في مطلع العام "تنمية الاستثمار من خلال مأسسة الحكم الرشيد"، لأنها مبادرة ما بين الحكومات فقط، ولديها جدول زمني مفتوح. وإذا استمرت على ما هي عليه فلن تسجل حضورا على الأرض.
هناك أيضا مشروع "منتدى المستقبل" الذي أطلقته مجموعة الدول الثماني منتصف العام الماضي، بعد أن تحدثت الولايات المتحدة عن مبادرة "الشرق الأوسط الكبير".
منتدى دافوس يدخل على الخط بنهج آخر، لأنه يؤمن بأن قيادة الإصلاح ليست بالضرورة بيد الحكومات، وأن أي مشروع للإصلاح لن ينجح إلا إذا مارس أصحاب الأعمال والتنفيذيون دورهم الريادي. ويعتقد المنتدى أن القطاع الخاص هو الذي سيحدد مدى نجاح المشروعات الإصلاحية في كل دول الشرق الأوسط. ذلك لأن القطاع الخاص هو الوحيد الذي يستطيع أن يخلق وظائف عمل جديدة بالعدد المطلوب، وهو الوحيد الذي يعتمد على نشاطات اقتصادية حقيقية، بخلاف ما هو الحال عليه في الدول النفطية التي تعتمد على مدخول النفط والغاز كمصدر أساسي لثروتها.
وعليه، فإن ازدياد أسعار النفط بالإمكان الاستفادة منه في التعجيل في الإصلاح بدلا من تأخيره، كما تتجه إلى ذلك بعض الحكومات. فالأسعار المتوافرة إنما هي نافذة قد تزول في أي وقت، وإذا لم تتحرك عجلة التنمية الحقيقية فسرعان ما سينتهي هذا المدخول المتزايد بعد صرفه بالشكل الذي صرفت فيه معظم مدخولات النفط خلال الخمسين سنة الماضية.
سيجتمع مئات من المؤثرين على القرار السياسي والاقتصادي في المنطقة لمدة يومين ليراجعوا آثار ما حدث من تطورات في الشرق الأوسط، وأعلنوا أنهم سيطرحون مشروعات أخرى للدفع بمزيد من الإصلاح. هؤلاء المجتمعون هم الأكثر تأثيرا بالنسبة إلى مطلب اقتصادي ملح، وهو خلق ثمانين مليون وظيفة "على الأقل" خلال عشر أو خمس عشرة سنة المقبلة، لتفادي ثورات وانقلابات متعاقبة تطيح بكل ما يتم التنظير إليه من مشروعات حاليا.
الأمر الواضح هو أن المسيرة الحالية في الشرق الأوسط لن تخلق هذه الفرص، وما نحن بحاجة إليه يتطلب تمكين الطاقات المبدعة والعقلانية من الشأن العام قبل فوات الأوان. ولذلك، فإن عنوان المؤتمر موفق في الرسالة التي يطرحها: "اغتنموا الفرصة"
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 975 - السبت 07 مايو 2005م الموافق 28 ربيع الاول 1426هـ