الحكومة الالكترونية أو ما تسمى بـ "E-Government"، سمعنا عنها الكثير، ولكن تبقى معلوماتنا عنها قليلة بقلة معرفتنا بالانترنت خلال الثمانينات.
فما هي هذه الحكومة؟ ولماذا صارت الدول تتنافس في إعلان وزاراتها ومؤسساتها الالكترونية؟ وهل البحرين وسط هذا السباق المحموم مستعدة من ناحية البنية الأساسية من تكنولوجيا المعلومات من "تشكيل هذه الحكومة"؟ وإذا ما أعلن عن تشكيلها... هل ستكون قادرة على تخطي البيروقراطية والمركزية والفساد خلال عملها عبر الانترنت أو الفاكس أو حتى الهاتف؟
بحسب البنك الدولي فإن الحكومة الالكترونية هي: "عملية استخدام المؤسسات الحكومية لتكنولوجيا المعلومات "مثل شبكة المعلومات العريضة، وشبكة الانترنت، وأساليب الاتصال عبر الهاتف المحمول" التي لديها القدرة على تغيير وتحويل العلاقات مع المواطنين ورجال الأعمال ومختلف المؤسسات الحكومية. وهذه التكنولوجيا يمكنها أن تخدم عددا كبيرا من الأهداف مثل: تقديم خدمات أفضل للمواطنين، تحسين التعامل والتفاعل مع رجال الأعمال ومجتمع الصناعة، وتمكين المواطنين من الوصول للمعلومات ما يوفر مزيدا من الشفافية، أو إدارة أكثر كفاءة للمؤسسات الحكومية، كما أن نتائج هذه التطبيقات يمكن أن تؤدي الى تحجيم الفساد، وزيادة الشفافية، وتعظيم العائد ككل أو خفض النفقات وزيادة قناعة المواطن بدور المؤسسة الحكومية في حياته".
أما عن شكل الخدمات وطريقة تقديمها فإن المعنيين مازالوا يبحثون أفضل الخيارات وأنجحها لتطوير عمل هذه الحكومة التي يبدو أن خدماتها لن تأخذ شكلها النهائي إلا بعد انتشارها بشكل واسع في مختلف المجتمعات، ولكن دراسات المعنيين عن الخدمات التي يمكن أن تقدمها الحكومة الالكترونية تمر عبر نوعين من الخدمات أولهما: "التفاعلي، أي مدى تفاعل خدمات الحكومة مع المواطن من ناحية درجات تقديم الخدمة الكاملة أو غير الكاملة"، وثانيهما: "التصنيف على أساس الخدمة من المرسل إلى المستفيد وتحديدهما. ويرى الباحثون أن تقديم الخدمة غالبا ما يكون من الحكومة التي تقدمها إلى أربعة منتفعين هم المواطنون والمواطنات، رجال الأعمال، الموظفون، والمؤسسات الحكومية نفسها".
أمام هذه المعلومات الأولية، أين تقف البحرين من "إعلان تشكيل هذه الحكومة"؟
البحرين ثالث دولة عربية
تقارير الأمم المتحدة للعام 2003 تشير إلى أن البحرين تقف في المرتبة الثالثة بين الدول العربية "بعد الإمارات والكويت" من ناحية تطورها لبلوغ "تشكيل الحكومة الالكترونية".
وتقول الأمم المتحدة إن مؤشراتها في هذه التقارير اعتمدت في تقييمها على الكثير من العناصر الكمية التي يمكن قياسها وفي مقدمتها قدرة السكان في كل أنحاء الدولة على الوصول إلى المعلومات إلكترونيا.
إذا، هل البحرين تملك الكم اللازم من البنية المعلوماتية والتكنولوجية الذي يؤهلها للمباشرة بفتح أبواب هذه الحكومة للمواطنين؟
تقول المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية في تقريرها السنوي للعام 2005 إنها قامت بإعداد قائمة بيانات عن مواقع الحكومات الالكترونية على موقع الانترنت للفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 حتى أغسطس/ آب ،2004 وتبين من خلال هذه القائمة أن عدد المواقع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 لا يتجاوز 798 موقعا وارتفع إلى 1242 موقعا عند إعداد تقرير المنظمة العربية التي رأت أن هذا التقدير هو أفضل ما وصلت إليه مواقع الحكومات العربية على الانترنت خلال السنوات الأربع الماضية.
وطبقا لهذه التقديرات فقد كانت نسبة المواقع البحرينية للمواقع العربية تقدر بـ "3,88 في المئة" بواقع 56 موقعا العام 2004 مقارنة بنسبة "4,5 في المئة" بالنسبة إلى المواقع العربية بواقع 31 موقعا للعام .2003
واستنادا إلى هذه الأرقام والنسب، ترى المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن نسبة التطور التي شهدتها البحرين بين العامين 2003 و2004 تقدر بـ 45 في المئة، أي بزيادة قدرها 25 موقعا وبتراجع قدره " 0,62 في المئة" بين العامين.
لماذا الإمارات الأولى؟
إن مقارنة واقع البحرين المعلوماتي والتكنولوجي بأقرب دولة عربية لتحقيق الحكومة الالكترونية وهي دولة الإمارات العربية المتحدة تؤكد أن الطريق مازال طويلا إلى حد ما.
فدولة الإمارات العربية المتحدة تأتي على رأس الدول التي لديها نصيب معقول من المواقع "145 موقعا العام 2004" "في البحرين 56 موقعا العام 2004"، وفي الوقت ذاته فإن عددا كبيرا من المواقع الإماراتية يعمل في إطار تطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية، ويعود السبب الرئيسي هنا لمجموعة من العوامل فيما يتعلق بدولة الإمارات أهمها:
1- إيمان المسئولين بأهمية تطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية في الإمارات كلها وحث الوزارات على ذلك.
2- توافر البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات ممثلة في كثير من المظاهر.
3- تبسيط الإجراءات في دولة الإمارات ككل، وكذلك تبسيط التشريعات بما يتلاءم مع الموقف التكنولوجي الجديد.
4- عدم وجود ثغرات رقمية بين الإدارات والمؤسسات والمصالح الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ناهيك عن ارتفاع الدخل القومي.
لذلك لم يكن غريبا أن تصنفها الأمم المتحدة بين الدول الرائدة على مستوى العالم في تطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية.
كيف تقاس فاعلية المواقع؟
ترى المنظمة العربية للتنمية الإدارية ضرورة قياس مدى تفاعلية المواقع، ومدى ثرائها المعرفي وقدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين، بالإضافة إلى إمكان البحث فيها أو عن طريقها، وحددت المنظمة ستة أسئلة لقياس إمكانات أي موقع عربي، هي:
1- ما عدد المواقع التي تحوي وصلات الكترونية "Links" لمواقع أخرى أو داخلية؟
والغرض من هذا السؤال هو التعرف على الثراء المعلوماتي للمواقع وإمكان التجول خارجها وداخلها بما يمكن المواطن أو العميل من الحصول على المعلومات المطلوبة أينما كان موقعها.
2- ما عدد المواقع التي تحوي بيانات "Databases"؟
تمثل قواعد البيانات جانبا آخر من جوانب تقديم ما يعرف بخدمات المعلومات للمواطن وربطه بكميات كبيرة من البيانات يمكن أن يجد فيها إجابة على استفساراته.
3- ما عدد المواقع التي تحوي محركات بحث "Search Engines"؟
يوضح هذا السؤال إمكانات البحث في الموقع أو خارجه بمختلف الطرق للوصول إلى المعلومات التي قد لا يمكن الوصول إليها عن طريق التجول .
4- ما عدد المواقع التي تقدم خدمات تفاعلية إيجابية؟
يعد أهم أسئلة الموقع على الاطلاق من بين كل الأسئلة الأخرى، فهو الرابط الحقيقي بين المواطن والحكومة، وهو الذي يقدم حلولا لمشكلات المواطن من دون الحاجة إلى مظاهر البيروقراطية المعقدة.
5- ما عدد المواقع التي تقدم خدمات تفاعلية سلبية؟
واحد من أهم مؤشرات قدرات مواقع المشروعات الحكومية على الانترنت، فهو يعرف بالإجراءات والنماذج التي يمكن أن يتبعها أو يستخدمها المواطن أو العميل للحصول على خدمة ما من جهة حكومية.
6- ما عدد المواقع التي تقدم صفحات إعلامية فقط؟
وهذا السؤال يقيس مقدار الشفافية في التعامل مع المواطن واحترام فكره، بما يقدمه من معلومات عن خدمات الجهات الحكومية بأكملها وعن القدرات الحكومية في خدمة المواطنين.
إن هذه الأسئلة تهدف إلى الكشف عن مدى التمكن من استخدام القدرات التي أتاحتها التكنولوجيا في مد المواطن بجميع الأخبار والمعلومات من أية جهة، وهو ما يتعلق بباقي الأسئلة أيضا.
وتقول المنظمة التابعة للجامعة العربية إنه بالإمكان تطبيق مجموعة كبيرة من المعايير مثل تحليل مضمون المواقع أو مدى كفاءتها في استخدام تكنولوجيا معينة، أو ما يتعلق بقدرتها على تقديم خدمات المعلومات للمواطن، لكن المعدين اكتفوا بهذه المجموعة من القياسات لزمن البحث ومدته، وأن تطبيق كل المعايير يحتاج إلى دراسات أخرى يمكن القيام بها لاحقا إذا اتسع الإطار الزمني للدراسة، إضافة إلى أن هذه المعايير الست يمكن أن تقدم صورة أولية لطبيعة المواقع العربية.
مئات المواقع فقدت أهدافها
وتقول المنظمة إنه تم رصد مجموعة من نتائج الدراسة في مقدمتها:
1- وجود فجوة رقمية بين الحكومات العربية فيما يتعلق بتطبيق البنية الأساسية للمعلومات تركت آثارا واضحة في عدد المواقع الخاصة بكل حكومة عربية وفي فحوى ومضمون ومحتوى هذه المواقع.
2- عدم الادراك الكامل والواعي لكل عناصر التكنولوجيا والبرمجيات وأهميتها عند بناء الحكومات الالكترونية في العالم العربي، ما يفقد المئات من المواقع الكثير من الأهداف التي بنيت من أجلها، وقد يعود ذلك إلى أن القائمين على مثل هذه المشروعات غير متخصصين أو أن هناك قصورا في الوعي بعناصر التكنولوجيا وخباياها أو عدم الاطلاع على الأدب المنشور والانتاج الفكري في مجال التكنولوجيا.
3- ليست هناك علاقة واضحة بين عدد المواقع الخاصة بكل دولة عربية وتطبيقات مشروعات الحكومات الالكترونية.
4- التعرف على قدرات ما تقدمه تكنولوجيا المعلومات من ثراء معرفي للمواقع بما يمكن المواطن العربي من الإفادة الكاملة منها
العدد 975 - السبت 07 مايو 2005م الموافق 28 ربيع الاول 1426هـ