العدد 974 - الجمعة 06 مايو 2005م الموافق 27 ربيع الاول 1426هـ

توجيه التبرعات الخيرية لبناء حياة المواطن

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

إننا بحاجة ماسة إلى توجيه التبرعات الخيرية نحو بناء الإنسان البحريني لا وضعها في مشروعات مكررة قد تكون البحرين ليست بحاجة إليها.

فهل البحرين اليوم بحاجة إلى مساجد فخمة أكثر مما بها ليقوم المتبرع الكريم التاجر الكويتي المعروف علي المتروك بالتبرع مشكورا بنصف مليون دينار لبناء مسجد فخم؟

إن الله لا يحبذ الإسراف والفخامة حتى في تعمير بيوته المقدسة... فلماذا نسرف عندما نعمر بيوته سبحانه... وهل تدل فخامة المساجد على الإيمان العامر وصدقه في النفوس... لو كان الأمر كذلك لاهتم به الرسول الكريم والصحابة من بعده؟

أليس هناك مئات بل آلاف الطلبة بحاجة إلى المال للإنفاق على دراستهم وتطوير حياتهم وحياة أسرهم المادية...؟ وإذا أمكن فإرسال المتفوقين علميا منهم من غير القادرين ماديا إلى الجامعات الخاصة الأجنبية العلمية والاقتصادية التي يوجد لها فروع في بلادنا ورسومها أعلى من رسوم جامعة البحرين ثم مساعدتهم على إنهاء تخصصاتهم العليا في الخارج في مجالات علمية متقدمة لا توجد في جامعة البحرين والجامعات الأجنبية الخاصة في البحرين... إن بحرين الغد بحاجة إلى هذه العقول المبدعة العلمية والاقتصادية والأدبية والفنية لبناء نهضتها.... فلماذا لا تنفق هذه التبرعات لإنجاز مثل هذا المشروع التعليمي العظيم.

ألا نعاني في مملكة البحرين ظاهرة انتشار الإدمان على الكحول والمخدرات بين الشباب والكبار... وحصدها للأرواح كل يوم...؟ ألا يتطلب ذلك مركزا لعلاج وتأهيل المدمنين عليها والاتجاه إلى تنمية قدراتهم الداخلية النفسية لتكون مانعا حصينا لكي لا يعودوا إلى تناول هذه السموم، عندما يعودون إلى زملائهم وبيئاتهم الأسرية... كل ذلك مقابل رسوم زهيدة حتى يتمكن المدمنون، غير القادرين، من الالتحاق بها والحصول على العلاج الكيماوي القصير ثم النفسي والروحي الطويل إلى جانب تأهيلهم لحياتهم المقبلة بعد الشفاء، إذ لا يكفي اليوم وجود مركز واحد هو مركز محمد المؤيد لعلاج الإدمان على الكحول والمخدرات... والذي يتبع القائمون عليه العلاج الكيماوي إلى جانب جلسات العلاج النفسي والتأهيل من خلال مشاركة زمالة المدمنين المجهولين وبعض المشايخ الدينيين.

إنني أدعو المتبرعين من أصحاب الخير إلى أن يتعاونوا مع هذه الجماعات الخيرة لعلاج الإدمان على هذه السموم بالتبرع ببناء هذه المصحة... ويكون أساس المعالجة به العلاج الكيماوي القصير ثم الاعتماد على الجهود الجماعية الهادفة إلى المساندة والمساواة وعدم الأنانية وإلى تواضع النفس والحب العطاء للآخرين... والإيمان العميق بالله سبحانه راعيا ومحبا لهم وهم يناضلون في طريقهم الشاق متسلحين بالإيمان والاقتناع وقوة الإرادة لكي يتمكنوا من انتشال المدمنين وعدم عودتهم إلى تناول الكحول والمخدرات مرة أخرى مهما تكن الاغراءات التي يتعرضون لها، وهي المبادئ التي تقوم عليها زمالة المدمنين المجهولين... التي تعد فرعا من زمالة تطوعية عالمية قائمة على التطوع الخيري ومحاربة الإدمان على المخدرات وموثقة في منظمة الأمم المتحدة منذ العام 1953 وتوجد اجتماعاتها في 113 دولة في العالم.

إن أمل هؤلاء الشباب المعطاء عندما جلست معهم للتعرف على تجاربهم الناجحة التي استطاعوا بها تخليص العشرات من المدمنين الشباب والكبار الراغبين في الشفاء... أن تكون هناك مصحة لعلاج وتأهيل المدمنين على الكحول والمخدرات إلى جانب المركز الموجود حاليا... ليستفاد من خبرتهم في تطبيق مبادئهم الروحية والإيمانية لشفاء أكبر عدد من المدمنين لتحقيق رسالتهم النبيلة التي كرسوا أنفسم لها منذ تأسيس زمالتهم العام 1985 في البحرين من أجل شفاء أكبر عدد من المدمنين بلا كيماويات وإنما عن طريق الجلسات النفسية وتقوية الإيمان والإرادة للمدمنين وتغيير نظرتهم نحو أنفسهم والحياة حولهم ليفكروا في خدمة غيرهم والعطاء للآخرين... وقد عاد معظمهم إلى حياتهم الطبيعية ونجح بعضهم في أعماله الخاصة... كل ذلك بجهود عظيمة مخلصة وقدرات مادية ضئيلة.

فماذا لو وجهنا التبرعات الخيرية إلى إنشاء مثل هذا المركز لإنقاذ وشفاء أكبر عدد ممكن من ضحايا الإدمان على الكحول والمخدرات... وخصوصا غير القادرين ماديا منهم... بدل بناء المزيد من المشروعات التي لا يحتاج إليها المجتمع البحريني.

أذكر اليوم سعة أفق والدي رحمة الله عليه عندما تبرع ببناء مركز محمد المؤيد لعلاج الإدمان على الكحول والمخدرات إذ قال لنا: إن التبرع للمشروعات الهادفة إلى التخلص من الأمراض والإدمان ومساعدة الشباب على استرجاع صحتهم... مثل بناء المساجد في نظر الدين الإسلامي... لذلك اخترت بناء هذا المركز.

وهنا تكمن حقيقة عظمة هذا الدين الذي يهتم بالإيمان الحقيقي المتأصل في النفس وهو حب الله والناس وخيرهم.. وجعل بناء بيوته معادلا للأعمال الاجتماعية الخيرية الهادفة إلى نهضة الوطن... فهل يمكن أن ننشر إعلاميا ودينيا هذا الوعي في نفوس أصحاب البر عندما يتبرعون لأعمال الخير

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 974 - الجمعة 06 مايو 2005م الموافق 27 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً