العدد 974 - الجمعة 06 مايو 2005م الموافق 27 ربيع الاول 1426هـ

توحيد الخطاب

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الاعتصام الحاشد للجمعيات السياسية المقاطعة للانتخابات النيابية يوم أمس في المنامة، يعيد طرح عدد من الأسئلة التي تتكرر بين فترة وأخرى، ولعل من تلك الأسئلة التي لا نعير لها أهمية ولكنها ملحة ما يتعلق بتوحيد الخطاب، وتوحيد الحركة المجتمعية.

هذه الأسئلة قديمة، وبدأت منذ انطلاق أول حركة وطنية حديثة في العام ،1938 ثم في انتفاضة الخمسينات التي ضربت في العام .1956 فلقد كان واضحا للنخبة التي تحركت في 1938 أن سر نجاحها يكمن في أمرين، الأول هو طرح مطالب إصلاحية يتفق عليها الجميع، وأهم تلك المطالب هي إنشاء برلمان منتخب، والسماح بنقابات حرة، وإصلاح النظام القضائي من خلال قانون متطور ويتناسب مع العصر.

الحركة الوطنية في 1938 ضربت بسرعة لأن الإدارة التي كان يشرف عليها المستشار البريطاني تشارلز بليغريف استطاعت ان تضرب النخبة طائفيا، وفصلت القادة السنة عن الشيعة، ثم حشدت عليهم ونفت القادة السنة إلى الهند.

في الخمسينات، حاولت النخبة ألا تقع في الفخ الطائفي واستطاعت أن تستقطب الجماهير من كلا الطائفتين الكريمتين، ولكن البيئة السياسة كانت مثقلة بأمور شتى، وضربت الحركة أيضا.

قادة المعارضة في الخمسينات "هيئة الاتحاد الوطني" كانوا يتحدثون بلغة عاقلة جدا ويطرحون مطالب يتفق عليها الجميع "برلمان منتخب، نقابات، قانون مدني وجنائي... إلخ"، وكانوا يبعثون برسائل رسمية إلى أعلى السلطات المحلية والبريطانية يؤكدون فيها أنهم لا ينوون شرا بالنظام الحاكم ولا ينوون شرا بالحماية البريطانية. وعلى أساس هذا الخطاب حققوا الكثير، من بينها الترخيص لهم باعتبارها حزبا سياسيا "وهو أول حزب سياسي علني يعترف به على مستوى دول الخليج العربي".

إلا أن الخطاب لم يكن موحدا على الأرض. فالهيئة لها بياناتها الرسمية، وهي عقلانية وتعبر عن إرادة واعية ومعتدلة، ولكن هناك خطاب آخر يوزع من خلال منشورات تحمل أسماء عدة، من بينها "الكف الأحمر"، وكانت تدعو إلى ما يشير إليه الاسم الذي تحمله.

كما أن الخطاب الرسمي للهيئة الذي يقول إنه على استعداد للتفاهم مع الحكم المحلي ومع البريطانيين، كان يضطرب بمجرد حدوث أي شيء في مصر آنذاك. فما ان تشتعل الحوادث في مصر "بسبب تأميم القناة آنذاك" وإذا بالهيئة تتصدر المظاهرات ذاتها التي كانت تخرج من أجل المطالب المحلية، ولكن في هذه الحال تتوجه ضد البريطانيين وتطالب بأمور أخرى غير البيانات الرسمية التي تنشرها الهيئة. في نهاية الأمر فإن الهيئة تم ضربها وخسرت البحرين أكبر إنجاز للمعارضة في نهاية الخمسينات، واستغلت السلطات حينها الاختلاف في الخطاب لضرب الحركة المطلبية.

في الثلاثينات، إذا، ضربت الحركة بعد خلخلتها طائفيا، وفي الخمسينات ضربت الحركة بعد أن خلخلت خطابها السياسي.

وعندما نفكر في واقع أمرنا الحالي، فإننا أمام التحديات ذاتها. إننا بحاجة إلى أن يستمر الخطاب المعارض "العقلاني" المطروح على الساحة حاليا، ولكننا أيضا بحاجة إلى توحيد هذا الخطاب على مختلف المستويات، وبحاجة إلى أن نتأكد من أن الحراك الاجتماعي "على المستوى الطائفي" أكثر انسجاما، وإلا فإننا لم نستفد من تجاربنا الوطنية السابقة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 974 - الجمعة 06 مايو 2005م الموافق 27 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً