رصدت أجهزة الأمن الغربية رسالة عبر الانترنت موجهة إلى أبي مصعب الزرقاوي الذي يلقبه البعض بالأمير والبعض الآخر بالإرهابي وتطلب الولايات المتحدة رأسه مقابل أي ثمن.

الرسالة الموجهة بصورة نداء إلى الزرقاوي الذي ينحدر من الأردن ويعتقد أنه موجود في مكان ما في العراق، يناشده نيابة عن المسلمين في السويد كي يتدخل للدفاع عنهم وأن يقوم بما يفرضه عليه ربه. المقصود من وراء هذا النداء أن يقوم الزرقاوي بتكليف بعض الأشخاص لقتل رجل الدين المسيحي رونار زوجارد. فقد أهان هذا الواعظ المولود في النرويج الرسول محمد"ص" خلال واحدة من خطبه التي ألقاها في كنيسة فيلادلفيا بالعاصمة السويدية "ستوكهولم" بتاريخ 20 مارس/ آذار الماضي. خلال حديثه عن سيرة محمد"ص" قال زوجارد: لو عاينا سيرة حياته سنرى أنه سمح بزواجه من طفلة في سن التاسعة من العمر.

هذه العبارة تهز مشاعر المسلمين وهي إهانة واضحة لو صدرت عن زوجارد في بلد إسلامي إن كان في المغرب أو في إندونيسيا لعوقب عليها بالحبس سنوات طويلة. لكن عبر الانترنت هناك من يطالب الآن بإنزال اشد عقاب بحق الواعظ النرويجي زوجارد. ويلاحظ أن المطالبة بمعاقبته شديدة جدا في أوساط الإسلاميين المتطرفين الذين يؤيدون الحل الأسهل والأسرع وهو القضاء عليه ولهذا السبب لجأوا إلى الزرقاوي. في الرسالة المؤرخة يوم 24 ابريل/ نيسان الماضي يطالب هؤلاء الزرقاوي بأن يفعل ما يفرضه الله عليه في هذا الموقف والتصدي للهجمة الشرسة على سمعة خاتم الأنبياء وكرامة دين الإسلام. وتطلب الرسالة أن يجرى نقلها إلى الزرقاوي حتى يطلع عليها.

وفقا لمضمون الرسالة قام زوجارد باتهام النبي محمد"ص" بممارسة الجنس مع طفلة. وهذا ما جرى نقله عن عنوان عريض في الصفحة الأولى لأكبر صحيفة تصدر في السويد جرى تداولها يوم 24 ابريل. وتقول الرسالة الموجهة للزرقاوي إن الحكومة السويدية دافعت أيضا عن زوجارد ولم يجر اتخاذ أي إجراء ضد هذا الواعظ وكأن شيئا لم يكن. كما تنتقد الرسالة الجالية المسلمة في السويد لعدم القيام بمسيرات احتجاج وأشار مضمونها إلى أن رفض مجلس المسلمين في السويد إصدار فتوى تدعو إلى قتل زوجارد يكشف أن المجلس يدافع عنه ويحميه وقالت الرسالة: سيجري قتل زوجارد مثلما قتل قبله المخرج الهولندي تيو فان جوخ.

تواجه الجالية المسلمة في السويد معضلة معقدة للغاية قد تقود إلى انقسامها. منذ وقت يناشد علماء الدين المسلمون في السويد أبناء المسلمين الإلتزام بقوانين البلد وأن لا يقرروا مصير زوجارد بأنفسهم. وقال رئيس مجلس الأئمة في السويد حسن موسى: حتى لو جرح رونار زوجارد مشاعر ملايين المسلمين في أنحاء العالم فإن هذا ليس سببا لتقوم الدعوة لقتله مثلما حصل للمخرج الهولندي فان جوخ. وطالب حسن موسى في رسالة مفتوحة جميع الأشخاص الذين يدعون ويريدون حل القضية بشكل عبثي من شأنه أن يزيد مشكلات الجالية في الغرب، عليهم أن يلتزموا بقوانين البلد الذي منحهم المأوى. تلقى زوجارد تهديدات بالقتل بعد أن انتشر مضمون خطبته في أنحاء السويد ومنذ ذلك الوقت يتمتع بحماية مشددة من قبل الشرطة السويدية. وأثارت خطبته مناقشات واسعة في السويد بشأن حدود الدين وحرية التعبير عن الرأي. كما رفعت ضده دعاوى وشكاوى منها اتهامه بالتحريض ضد المسلمين وإشاعة جو يساعد في العبث بالتعايش السلمي بين المواطنين السويديين وأبناء الجالية المسلمة. قليلا ما تنظم مسيرات احتجاج في السويد وأمام الكنيسة التي القى فيها زوجارد خطبته المشينة نظم المسلمون مسيرة احتجاج في نهاية شهر ابريل الماضي شارك فيها نحو خمسمئة متظاهر بينهم مواطنون سويديون احتجوا جميعهم على الإهانة التي لحقت بالنبي محمد"ص".

زاد عدد أبناء الجالية المسلمة في السويد مع توافد اللاجئين من دول عربية وآسيوية على هذا البلد وأصبح الإسلام في العام 2005 ثاني أكبر ديانة في هذا البلد الذي أنشئ أول جامع على أرضه في العام .1976 حتى اليوم لم يتم تسجيل اعتداءات أو مشكلات دخلت فيها الجالية المسلمة في السويد طرفا. بعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول العام 2001 على الولايات المتحدة وحربي أفغانستان والعراق لم تصدر عن الجالية المسلمة أية نشاطات أخلت بالقوانين المحلية. غير أن استفزاز زوجارد قد يسهم في تغيير الأوضاع. وتعترف السلطات السويدية ويؤيدها بذلك ممثلو مجلس المسلمين بضرورة توخي الحذر في التعامل مع هذه القضية وأهمية وضرورة احتوائها قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه.

وتوضح الرسالة المنشورة عبر الانترنت باللغة العربية أن بعض الإسلاميين المتطرفين يعيشون داخل السويد وأنهم يؤيدون نشاطات الزرقاوي ويتعاطفون مع تنظيم "القاعدة" ويريدون استغلال الفرصة السانحة لإثبات وجودهم. وتعتقد أجهزة الأمن الأوروبية أن هؤلاء ينتمون على الغالبية إلى واحدة من الجماعات السلفية. تدعو هذه الجماعة منذ أيام عبر الانترنت إلى القيام بأعمال عنف انتقامية داخل السويد متهمة الدولة الأسكندنافية بالسكوت على إهانة النبي"ص". بين ما يجري بثه عبر الانترنت صورة لنفق قطار تحت الأرض تحته كلمة "قريبا" وعبارة تقول: أبحث عن محطة قطار ممتلئة بالناس كي يحصل ما جرى في مدريد. وهذه إشارة واضحة إلى السيناريو المرعب الذي تخشاه السلطات السويدية وكذلك الجالية المسلمة التي تأمل أن يجري القبض بأسرع وقت على الأشخاص الذين يدعون إلى قتل زوجارد والقيام بأعمال عنف داخل السويد كي يجري تجنب الأسوأ