العدد 972 - الأربعاء 04 مايو 2005م الموافق 25 ربيع الاول 1426هـ

قطاع البريد وتحديات الحركة النقابية

نجية أحمد comments [at] alwasatnews.com

-

في خضم احتفالات العالم بعماله وشعوبه بعيد العمال العالمي في الأول من مايو/ أيار من كل عام، تقوم الحركة العمالية والنقابية بمراجعة الذات والإعلان عن مطالبها وحقوقها وإبراز التحديات التي تواجهها وخصوصا تحديات العولمة الاقتصادية، إذ تكالبت الشركات والممثلون السياسيون من رؤساء الدول الصناعية الغربية لعقد قممهم الدورية لينظموا اقتصاد العالم بما يخدم مصالحهم من أجل تدفق أكثر لاستثماراتهم في هذه القارات التي نهبت منذ القرون.

وبعيدا عن العموميات فمطالب الحركة النقابية في بلادنا ثابتة ومعروفة لدى الجميع، عمالا واتحادا ونقابات وحكومة وأصحاب أعمال، وهدف هذا المقال هو تبيان تحديات ومشكلات قطاع البريد ونقابته العمالية.

أولا: أولى المهمات التي لابد من الإصرار على تنفيذها والوصول بها إلى أعلى المستويات المحلية والدولية هي حق العاملين في القطاع الحكومي بتأسيس نقاباتهم وبالتالي إلغاء التعميم الإداري الصادر عن الخدمة المدنية المتضمن حظر تأسيس النقابات العمالية في القطاع الحكومي. فلابد أن يكون التحرك شاملا ومنتظما ابتداء، بأن يكون هناك مسئول متفرغ لهذه المهمة النقابية داخل الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، ويكون لديه إلمام تام بأنظمة الخدمة المدنية ومرتبط بالنقابات العمالية في القطاع الحكومي. ومناسبة جيدة أن يكون النقابي الحكومي جمال عتيق داخل الأمانة باعتباره جزءا عضويا من المشكلة نفسها، وعامل ضغط وإحراج للجهات الرسمية. كما ان التحرك لابد أن يتركز على استمرار متابعة مشروع تعديل قانون النقابات داخل أروقة مجلس النواب والعمل على تحريكه. وعلى رغم قناعتي بأن ذلك لن يحقق الهدف المنشود وربما يعقده، إذ إن القيود الموضوعة في دستور 2002م من شأنها تحقيق ما يرغبه الحكم في رفض أي تعديل على القانون. ولذلك تأتي أهمية استخدام الاتحاد حقه برفع الشكاوى في منظمتي العمل العربية والدولية حسبما تنص على ذلك أحكام دستور المنظمتين وآليات لجان الشكاوى ومعايير العمل الدولية والتزام الدول الأعضاء بإعلان المبادئ وبأحكام الدستور، وهو حق مستخدم في جميع أنحاء العالم لتصحيح الانحرافات الحكومية تجاه الحقوق النقابية وعدم التمييز بين العمال في استخدام هذا الحق.

ثانيا: حسنا فعلت النقابات العمالية العاملة في القطاع الحكومي حينما بدأت تحركها الموحد لمواجهة نتائج وافرازات سياسات وبرامج تخصيص القطاعات الحكومية سواء في الموانئ أو الأشغال أو الكهرباء أو أي قطاع حكومي قادم. ففي ظل قانون الخصخصة الصادر منذ سنوات وأهمل تطبيق مواده الواضحة ولم تلتزم بها الحكومة على رغم أنه يراعي الكثير من الجوانب الاجتماعية وبالذات مراعاة مصالح العمال من المواطنين. فسياسة الخصخصة التي يروج لها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكبريات الشركات الرأس مالية منذ السبعينات من القرن الماضي، قد ثبت فشلها في الكثير من الدول، لذلك فإن هذه المؤسسات الدولية أخذت تراجع سياساتها وتتراجع عن مفاهيمها القديمة، مؤكدة أهمية دور الدولة في الاقتصاد وخصوصا في المجتمعات التي مازالت تعاني من ظاهرة البطالة والفقر كما في بلادنا.

إن التكتل العمالي النقابي لمواجهة افرازات التخصيص هو الطريق الأصوب لمنع انطلاقة هذه السياسة من دون قيود اجتماعية. وإذا كانت الخصخصة مفروضة ومرغوبة من قبل الحكومة، إلا انها ليست بالضرورة صالحة لاستخدامها في القطاعات الإنتاجية الناجحة. فالمطلوب تطهير هذه القطاعات من البيروقراطية ومن الفساد وبقائها تحت مظلة الحماية العامة حفاظا على مصير وحاضر ومستقبل العاملين وأسرهم ومستويات المعيشة الراهنة التي هي أصلا بحاجة إلى رفعها. إن مهمة الاتحاد وأمانته العامة متابعة جهود التكتل العمالي للنقابات العمالية في القطاع الحكومي ودعمه وهو يناضل من أجل منع تنفيذ سياسات التخصيص من دون مراعاة حقوق ومكتسبات العمال. ولابد أن يكون هذا الهدف أحد شعارات المرحلة الراهنة للحركة العمالية.

ثالثا: إن قطاع البريد في جميع أنحاء العالم أخذ يتراجع دوره التقليدي أمام بروز تقنيات البريد الإلكتروني والشركات البريدية عابرة القارات واستخدام "الميديا" و"الانترنت" والبريد الصوتي وغيرها. لذلك تأتي أهمية التفكير الجدي في وحدة الصف العمالي والنقابي وأولى خطوات هذه الوحدة دمج النقابات العمالية العاملة في قطاع البريد في نقابة عمالية واحدة قادرة على الدفاع عن مصالح العمال والموظفين أما الإدارات التنفيذية للشركات الخاصة العاملة في قطاع البريد السريع والممتاز والطرود... إلخ. وكذلك الدفاع عن حقوق ومطالب العاملين في قطاع البريد الرسمي الذي أخذ يهمش دوره على رغم زيادة ربحيته وإخلاص العاملين فيه وإصرارهم على مواصلة تقديم هذه الخدمة التي هي بحاجة إلى اهتمام جدي من قبل النقابة، وذلك بزيادة الرواتب وتحسين ظروف وشروط العمل والتدريب والتأهيل بحيث يتمكن العاملون في هذا القطاع من مسايرة التطورات العالمية والتقنية الهائلة في هذا القطاع.

إنها تحديات عمالية كبيرة وبحاجة إلى متابعة مستمرة لتحقيق انتصارات ملموسة للعمال

العدد 972 - الأربعاء 04 مايو 2005م الموافق 25 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً