في يوم من أيام الأسبوع الماضي قررت أن أفتح حساب توفير بسيط في أحد البنوك العالمية الموجودة في المنطقة المالية الجديدة. .. السبب الرئيسي لقراري هذا هو سكني في منطقة الرفاع الغربي وعلى شارع الشيخ خليفة بن سلمان فهذه المنطقة المالية الجديدة قريبة من سكني، كما أن البنوك هناك لديها أراض كبيرة ومفتوحة ما يوفر مواقف كثيرة لسيارات الزبائن، ومن السهولة الحصول على موقف لسيارتي وبالقرب من الباب الرئيسي للمبنى أيضا "آنه وايد كسول".
صحوت من النوم باكرا وحلقت واستحممت ولبست ملابس جديدة وشديدة البياض ووضعت عطرا غاليا؛ لأبين لهم أني من النوع الثقيل ماديا وعائليا، ولم أنس وجبة الفطور الإنجليزي الجيدة حتى تكون سببا في احمرار وجنتي ويعتبرني مدير البنك "هاف إنجليش".
ركبت في سيارتي الفخمة وانطلقت إلى هذا البنك الكبير، وأنا أنوي أن أهزه هزا بشكلي وشخصيتي ووصلت إلى هناك "الناس مظاهر"... عند مدخل مواقف السيارات كان يوجد الكثير من موظفي الأمن الذين أوقفوني فسألتهم: هل هذا هو المبنى الجديد لوزارة الداخلية؟ فقالوا: لا، هذا بنك... ماذا تريد؟ أريد أن أفتح حساب توفير... طيب أوقف السيارة هناك وادخل المبنى "أشاروا إلى موقف بعيد نوعا ما، ولكن ماذا أفعل إن لم ينتبهوا إلى سيارتي وكشختي؟!".
أوقفت السيارة ودخلت إلى المبنى، قابلني شاب وسيم، وسألني: ماذا تريد؟ أريد أن أفتح حساب توفير... طيب عليك الخروج من الباب الذي دخلت منه واللف إلى الجهة الأخرى والدخول ثانية إلى المبنى. خرجت ومشيت ولففت ودخلت فواجهني ثلاثة حراس "مصاكة" ومعهم شابة، سألتني: ماذا تريد؟ أريد أن أفتح حساب توفير... طيب أدخل من هذا الباب. دخلت فواجهتني شابة محجبة ومتشحة بالسواد وسألتني: ماذا تريد؟ أريد أن أفتح حساب توفير... طيب اجلس هنا.
أجلستني إلى مكتب وأحضرت شابا وسيما يحمل في يده الكثير من الأوراق المطلوب تعبئتها، وسألني: هل تريد حقا فتح حساب توفير عندنا؟ قلت له: والله العظيم أريد أن أفتح حساب توفير... إذا فلنبدأ.
فتح هذا الشاب الملف الذي معه وسألني عن الاسم الكامل حتى الجد الخامس؟ وعن اسم الوالدة حتى الجد الرابع؟ وعن اسم الزوجة حتى الجد الخامس؟ وعن أسماء جميع الأبناء والإخوة والأخوات والأقرباء؟ أسماء جميع الخدم والموظفين الذين تحت إمرتك؟ كم دخلك الشهري ومن أين تأتي بالأموال؟ وأسئلة كثيرة وعجيبة أخذت الكثير من الوقت والأعصاب.
ثم بعد ذلك وعندما انتهى من ملء جميع البيانات والاطلاع على أوراقي الشخصية وبطاقاتي الثبوتية رفع رأسه، وقال: انتهينا وباقي أن تحضر لنا نسخة من السجل التجاري... قلت: ليس عندي سجل، فأنا متقاعد... قال: إذا نحن آسفون، لا يمكننا أن نفتح حسابا باسمك... يالطيب، يا حبيبي، أنا أريد أن أفتح حساب توفير في بنككم وليس أخذ قرض شخصي منكم... قال: أنا أعلم ولكن هذا هو نظامنا، وممكن أن تراجع مدير القسم فيخفف لك بعض الشروط، وأشار إلى مكتب زجاجي.
فذهبت إليه "المدير" وأنا أغلي غضبا ودخلت لأجد شابا نظيفا جدا ووسيما عليه ملابس شديدة البياض... في يده اليسرى ساعة من الذهب الخالص تساوي عشرين ألف دينار، وفي يده اليسرى خاتم ألماس، فأخبرته بقصتي كاملة و"البهدلة" التي وجدتها في بنكهم مع أني أريد أن أعطيهم نقودا... فنظر إلي وابتسم، وقال: المشكلة الكبيرة ليست في فتح حساب توفير، فهذه ممكن حلها، ولكن لا يمكنك سحب أية مبالغ من هذا الحساب من دون أن نعرف أين ستصرفها، فقلت له: اعذرني، أريد أن ألحق وجبة الغداء... وخرجت ولم أعد
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 972 - الأربعاء 04 مايو 2005م الموافق 25 ربيع الاول 1426هـ