العدد 972 - الأربعاء 04 مايو 2005م الموافق 25 ربيع الاول 1426هـ

الأموال في طريقها للزوال!

علي الفردان ali.alfardan [at] alwasatnews.com

ليس القصد استغناءنا عن الأموال والرجوع إلى نظام المقايضة، ولكننا نتحدث عن مرحلة جديدة تماثل انتقال البشر من البيع والشراء بالمقايضة إلى الأموال على اختلاف أنواعها وصولا إلى الشيكات والصراف الآلي لندخل حقبة جديدة لا نرى فيها أموالا تدفع بعد أن تم الاستغناء عن الذهب كمعيار تناظري للأموال، وحينها لن يصبح مهما بعد الآن أن تحتفظ في محفظتك بحفنة من الأوراق أو القطع المعدنية لتشتري بها ما تشتهي نفسك وترغب، إذ أصبح باستطاعة المرء شراء البضاعة وهو لم يرها عينا قبل شرائها أو يتلمسها.

نحن نتكلم عن الأموال الإلكترونية والبطاقات الائتمانية المتطورة، فهل يا ترى ستنقرض الأموال إلى غير رجعة ولن نرى شكل اللصوصية القديم باقتحام القطارات وسرقة شنط الأموال المتنقلة عبر المدن والشكل الحديث المشابه لها لتتحول السرقة إلى شاشات الحاسوب والتقنيات اللاملموسة؟ يبدو أن الأمر ليس ببعيد.

ومع التسهيلات اللامحدودة التي تقدمها البطاقة الائتمانية ومستوى الأمان مقارنة مع النقد المحسوس إضافة إلى ميزة مهمة لا يمكن إغفالها، إلا أن هذه القطعة البلاستيكية الرقيقة ستكون البوابة نحو التجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني الذي بدأت تدخل فيه عدد من المصارف البحرينية بكل جرأة.

البحريني سيدخل بقوة بوابة التكنولوجيا مع هذا الزحف الكبير نحو الشبكة المعلوماتية، فالكثير من الأصدقاء أصبح يستخدم البطاقات الائتمانية للولوج إلى شبكة الإنترنت وشراء ما تيسر من بضائع لها ميزات أكبر وأحدث مما لو قورنت في السوق المحلية، وربما كانت الشركات الأوروبية الأميركية خصوصا هي المصدر الكبير لعمليات الشراء هذه. فلماذا لا تتحول الشركات الوطنية إلى هذا النوع المبتكر من عمليات البيع على رغم ما له من مثالب واضحة على العمالة الوطنية التي تعمل في مجالات تجارة التجزئة، ولكنها مرحلة تطور جذرية لابد أن تمر البحرين عبرها مهما طال الزمن.

البائع التقليدي "غير الإنترنتي" يعتمد على الحديث المباشر مع الزبون عن طريق الإقناع بمزايا السلعة ومميزاتها بشكل كبير، مع اعتماده على رواج السلعة عبر الإعلانات المختلفة، ولكن البائع الحديث يجب أن يتمتع بحنكة أكبر وقدرة على التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة للوصول إلى عقل الزبون وكسب تأييده للسلع المعروضة على الشبكة الدولية وخصوصا إذا ما علمنا أن مزادات الإنترنت تكثر بشدة في الآونة الأخيرة.

الاستغناء عن الأموال العينية ربما يكون حقيقة حتمية، والمؤسسات المالية البحرينية التي تراكمت خبرتها يلقى عليها عبء كبير في توفير ونقل البحرينيين لهذه التغيرات بتقديمها خدمات مالية متطورة وبأسعار مناسبة وتعاملات سريعة وآمنة لنلحق بهذه الطفرة المقبلة.

ولكن يبرز سؤال خطير في ظل هذه الظروف الكونية المالية التي نعيشها: هل سنفقد العملات النقدية والورقة التي طالما زخرت بها متاحفنا وطالما عكست حقبا مختلفة لتواريخ بشرية سطرت لتطور الإنسانية، وشرحت بعض فترات تاريخنا الإسلامي؟ إنه لأمر محزن حقا، ولكنه قد يكون باعثا على الأمل لتطور البشرية في عمليات البيع والشراء ولتوفير قدر أكبر من خيارات الشراء والدفع والتخلص من الكلفة المالية لتصنيع وإعادة تصنيع العملات باختلافها. فلتبدأ من الآن بالاحتفاظ بحفنة الأموال الورقية والمعدنية من الآن فربما تكون ذكرى لشيء جميل

إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"

العدد 972 - الأربعاء 04 مايو 2005م الموافق 25 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً