يزعم هذا المقال أن بمقدور الحكومة فيما إذا ارادات أن تمنح المواطنين "بونس" أو مكافأة مالية على خلفية ارتفاع عائدات النفط. أما مرد هذا الادعاء هو حدوث نقلة نوعية في إيرادات الخزانة واحتياطي المملكة بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار النفط. وللاستدلال على مزاعمنا على تحسن الوضع المالي للبلاد في الآونة الأخيرة نشير إلى بعض الإحصاءات الحيوية الآتية.
وبحسب الأرقام النهائية لموازنة العام 2003 نجحت الحكومة في تحويل العجز المتوقع من 362 مليون دينار إلى فائض قدره 14 مليون دينار. وتحقق ذلك نتيجة زيادة الإيرادات النفطية بواقع 346 مليون دينار فضلا عن تقليل المصروفات بـ 79 مليون دينار "للأسف الشديد لم تتكرم علينا وزارة المالية حتى الآن بالكشف عن الأرقام النهائية للعام 2004 على رغم مرور أكثر من 4 أشهر على غلق حسابات السنة الماضية".
أما بخصوص الاحيتاطي فتشير إحصاءات صندوق النقد الدولي وتحديدا أحدث عدد لنشرة "انترناشينال فايننشيال ستاتيستكس" إلى أن حجم الاحتياطي العام للبحرين بلغ 1873 مليون دولار أي ما يعادل 710 ملايين بحريني، وذلك في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني .2004 وتؤكد أرقام صندوق النقد الدولي تسجيل زيادة مطردة في حجم الاحتياطي العام للبحرين في السنوات القليلة الماضية.
أيضا يتوقع أن يتم تحقيق زيادة فعلية في إيرادات العام الجاري على خلفية أن الحكومة افترضت متوسط سعر قدره 30 دولارا لبرميل النفط، وهذا ما ينافي تطورات الأسواق العالمية. المعروف أن النفط يشكل حجر الزاوية في إيرادات الخزانة. تحديدا تمثل الإيرادات النفطية 72 في المئة من مجموع الإيرادات المتوقعة للعام .2005
300 دينار لكل بحريني
نرى بأنه من الصحيح الأخذ بالمبادرة الكويتية إذ منحت السلطات كل مواطن كويتي مبلغا من المال بغض النظر عن عمره. وبدورنا نقترح أن يتم منح كل مواطن مبلغا قدره 300 دينار بحريني. ونرى أن المبلغ يتناسب ومتوسط دخل الفرد للبحرين البالغ نحو 370 دينارا شهريا.
وبحسب الجهاز المركزي للمعلومات يبلغ عدد المواطنين البحرينيين نحو 438 ألفا "من أصل 707 آلاف عدد سكان البحرين". وتقدر قيمة "البونس" المقترح من جانبنا نحو 131 مليون دينار. صحيح أن الرقم كبير لكننا نرى أن المبلغ معقول في ضوء الأوضاع المالية للمملكة.
علينا أن نعي بأن الاقتصاد البحريني سيكون المستفيد الأكبر إذ يتوقع أن يقوم الكثير من المواطنين باستهلاك المبلغ محليا على الشراء، الأمر الذي يخدم الدورة الاقتصادية في البحرين. وبحسب أدبيات الفكر الاقتصادي فإن المبلغ الذي يحصل عليه الفرد بشكل غير متوقع يقوم في الغالب بصرفه.
ومن الخطأ اقتصار "البونس" على العاملين في القطاع العام، إذ إن من شأن هكذا خطوة الإضرار بمصالح القطاع الخاص. والمعروف أن نحو 65 ألف بحريني يعملون في القطاع الخاص، الأمر الذي يشكل حرجا للشركات الصغيرة، والتي ربما لا تسمح لها أوضاعها المالية بمنح مكافآت لموظفيها. كما أن من الخطأ عدم منح "بونس" للعاطلين والذين هم ربما أكثر من غيرهم بحاجة إلى المال. المعروف أن هناك نحو 20 ألف بحريني عاطل عن العمل.
ليس من الصواب حشر الأجانب والذي يقدر عددهم بنحو 269 ألفا في "البونس" المقترح، نظرا إلى عدم ربط زيادة الدخل لأسباب اقتصادية ساهم الأجانب في تحقيقها. تحديدا لم تأت زيادة الإيرادات لأسباب مرتبطة بنمو الناتج المحلي الإجمالي إذ شارك الأجانب في تحقيقه.
باختصار يمكن اعتباره "البونس" نوعا من إعادة توزيع للثروة في البلاد، الأمر الذي يتناسب مع مشروع الإصلاح والتجديد الذي يقوده جلالة الملك. حديثا "في حديثه بمناسبة عيد العمال" أكد جلالة الملك رغبته في تحسين أوضاع عمال البحرين ورفع مستوياتهم المعيشية. ولاشك أن "البونس" والذي بمقدور الحكومة أن تدفعه يتناسب مع تطلعات عاهل البلاد.
موضوع يوم الاثنين يتناول الدور الذي تقوم به الصناديق الخيرية في معالجة ظاهرة الفقر في البحرين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 972 - الأربعاء 04 مايو 2005م الموافق 25 ربيع الاول 1426هـ