العدد 971 - الثلثاء 03 مايو 2005م الموافق 24 ربيع الاول 1426هـ

المرأة البحرينية... نحو شراكة سياسية فاعلة

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

كان ذلك عنوانا لمؤتمر جمعية المنبر الوطني الإسلامية، في الفترة من 13 إلى 14 أبريل/ نيسان الماضي، إذ يعد المؤتمر الأول لتلك الجمعية، وينم ذلك عن أهمية ومكانة المرأة، بدليل إفراد أول مؤتمر سياسي للجمعية خاص للمرأة وشأنها السياسي. وحرصت على حضور المؤتمر لما للموضوع من أهمية بالغة في نفسي، وجلست أراقب ما يجري من وقائع المؤتمر بنظرة متفحصة. أول ما لفت نظري الوجود الحاشد للمرأة في صفوف المشاركين وهذا ما لم نعهده، إذ عودتنا المرأة بحضورها الرمزي البسيط، فهذه المرة اختلف وجودها إذ حضرت بكثرة، ربما لأن عنوان المؤتمر يحاكيها بشكل كبير.

نظرت مجددا إلى الكتيب التعريفي بالمؤتمر فوجدت أن برنامج المؤتمر ليومين يعج بالفقرات الخاصة بالشأن النسوي، رعاية المؤتمر كانت من قبل الشيخة ثاجبة بنت سلمان آل خليفة، وهذا يؤكد حرص المؤسسة الرسمية على دعم المؤتمر. المتحدثات شخصيات نسائية كبيرة ومعروفة، من داخل البحرين أو خارجها، إدارة الجلسات كلها أوكلت إلى عناصر نسائية، والمؤتمر بحق كان كرنفالا للمرأة البحرينية عكس صورتها المشرقة المضيئة... فهي متحدثة جيدة وقادرة على إدارة جلسات المؤتمر بحكمة ودقة، كما أنها قادرة على تنظيم فعاليات تخصها وتحاكي طموحاتها المستقبلية.

برنامج المؤتمر خلا من شخصيات ذكورية، إلا قارئ القرآن الكريم وكلمة رئيس جمعية المنبر الوطني الإسلامية، فكانت كلمته داعمة للمرأة باعتبارها شريكا سياسيا فاعلا. وأكد أهمية تبوء المرأة البحرينية المكانة المناسبة في صنع القرار السياسي من خلال تلمسه قدرات وإمكانات المرأة، وليس هذا غريبا عليه، إذ أكد مرات عزم الجمعية دفع وجوه نسائية للمشاركة في الحياة التشريعية المقبلة. وهو ما صرح به عدة مرات بدءا من انتخابات إدارة الجمعية، وفوز عنصرين نسائيين في إدارتها وانتهاء بالمقابلة الصحافية الأخيرة التي أكد فيها استعداد الجمعية للتفاوض مع عناصر نسائية سواء من المنبر أو من خارجه، لدفعهن للانتخابات النيابية المقبلة بحسب معايير محددة، بحيث تكون معروفة في دائرتها وذات خلق ودين وكفاءة وخبرة وقبول اجتماعي، في الوقت التي استبعد فيه المنبر دفع مترشحات للانتخابات البلدية المقبلة بسبب ما اعتبره تعقيدات ميدانية تحول دون ممارسة المرأة الدور المطلوب.

أما بالنسبة إلى برنامج المؤتمر، فسأقوم بتحليله وإبداء وجهة نظري الشخصية فيه:

اليوم الأول: عرض ورقة "قراءة قانونية لحقوق المرأة كما عبر عنها الدستور والميثاق"، للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لولوة العوضي، تلاها تعقيب لرئيسة جامعة البحرين نائب رئيس المجلس الأعلى للمرأة الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة.

اليوم الثاني: عرض دراسة عن أسباب إخفاق المرأة البحرينية في أول تجربة برلمانية، وكانت المتحدثة هدى الخاجة، والورقة الثانية تعريف بنظام الكوتا، وكانت المتحدثة رئيسة ملف الأسرة البحرينية بمكتب قضايا المرأة بجمعية المنبر الوطني الإسلامي نوال العامر، والورقة الثالثة والأخيرة عرض ورقة "تدابير وضمانات لدخول المرأة المجلس النيابي" لرئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الأرياني. المؤتمر عموما يصطبغ بالصبغة الرسمية، وخصوصا في اليوم الأول، وبدا واضحا من خلال اختيار المتحدثات واليوم التالي أيضا يمثل وجهة نظر واحدة، ولا يعكس الألوان والأطياف الأخرى عدا ورقة الأرياني فقد بدت مختلفة بعض الشيء. الأجدى كان في اليوم الأول عرض الورقة القانونية والمعقب يكون من جهة مختلفة حتى يكون هناك إثراء للورقة، وما حصل كان تأكيدا على كل ما جاء في الورقة وبالتالي انتفت فائدة التعقيب!

الملفت للنظر أن الورقة عكست بشكل كبير جدا مزايا دستور 2002 والسبب يكمن في أن هذا الدستور أعطى المرأة حقها السياسي كمرشحة وناخبة، وتم التأكيد على ذلك أكثر من مرة، وفيه شيء من الاستدرار على المرأة بأن تقف مع هذا الدستور وقفة مؤيدة لأنه أنصفها وأعطاها حقها في العمل السياسي كما يجب، جاءت الشيخة مريم آل خليفة وأكدت ما ذهبت إليه لولوة العوضي، وبالتالي ما الفائدة من وجود المعقب في هذه الحالة؟

الجانب الآخر، من المعروف أن جمعية المنبر الوطني الإسلامية تمثل الخط الرسمي في التوجهات كافة، وبالتالي فإن اختيار التعريف بنظام الكوتا غير موفق لأن من المعروف أن المؤسسة الرسمية والمجلس الأعلى للمرأة موقفهم جيد من نظام الكوتا النسائية على اعتبار أنه اختراق للنصوص الدستورية، وفي أكثر من مرة يصرح رئيس الجمعية أنه مع ترشيح المرأة من خلال الاقتراع الحر المباشر، ويشير إلى أن هناك إشكالا دستوريا يحول دون تنفيذ الكوتا النسائية، وبالتالي ما الفائدة المرجوة من طرح ورقة التعريف بنظام الكوتا طالما أن وجهة نظر الجمعية واضحة باتجاه رفض هذا المبدأ؟ هل لأجل تعريف القطاع النسائي بنظام الكوتا؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأعتقد انه كان على اللجنة التحضيرية للمؤتمر أن توفر على نفسها العناء والتعب لأن من أراد التعرف على نظام الكوتا النسائية فإنه حتما لن يضيع، هناك الكثير من المواقع الالكترونية تستطيع القيام بهذا الدور إلى جانب وجود الكثير من المحاضرات والندوات التي تبنت هذا الموضوع وفي أكثر من مناسبة، وبالتالي من وجهة نظري لم توفق الجمعية في اختيار الموضوعات المهمة في مؤتمرها القيم هذا. ربما ورقة رمزية الأرياني من خلال عرضها لتدابير وضمانات دخول المرأة المجلس النيابي تكون مفيدة، على رغم تجارب الكثير من الدول العربية منها أو الأجنبية التي تعتبر نظام الكوتا النسائية أحد أبرز التدابير السياسية الداعمة لوجود المرأة في العمل السياسي، وأكبر دليل على ذلك تجربة مصر نظرا لخصوصية تجربتها قبل الكوتا النسائية وأثناء الكوتا النسائية وبعد قرار المنع.

الشيء الآخر الذي لفت نظري، حرص الشيخة مريم آل خليفة على الدفاع المستميت عن المرأة، وهو ما أثلج صدر النساء المشاركات في المؤتمر، فقد بدت نصيرة للمرأة بمعنى الكلمة، فلم تقبل أبدا المداخلات التي تتحدث عن المرأة والوقوف إلى جانبها بشفقة أو بعاطفة، ورفضت هذه الوقفة وذكرت أن المرأة تستحق من المجتمع كل الاحترام والتقدير على أدوارها المتعددة والمكللة بالنجاح، إذ أثبتت أنها قادرة وبالتالي لا يجب معاملة المرأة معاملة خاصة. وذكرت أن المرأة تحتاج أن تنحت في الصخر لكي تثبت للجميع بأنها قادرة، وهذا الدور غير مطلوب من الرجل، ولكن على رغم ذلك لا يكون التشكيك في قدرة الرجل

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 971 - الثلثاء 03 مايو 2005م الموافق 24 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً