قال متحدث من بيت التمويل الخليجي، في محاضرة ألقاها في ندوة عقدت في باريس، إن الأزمة المالية العالمية الراهنة دفعت بالجهات الرقابية في مختلف دول العالم الى اتخاذ إجراءات تدقيق أعمق وأكثر شمولية على البنوك، وذلك ضمن إجراءاتها وسعيها الحثيث للمحافظة على استقرار الأنظمة المالية الخاصة بها.
وفي هذا السياق قال كبير الاقتصاديين ببيت التمويل الخليجي، علاء اليوسف: «إنه حتى ضمن إطار الأحكام التشريعية التي تتمتع بها مملكة البحرين، والتي تميزت بقدر ملحوظ من المرونة في وجه التحديات والصعوبات التي أفرزتها الأزمة الراهنة، تتعاون المؤسسات المالية مع مصرف البحرين المركزي بشكل أقرب لمراقبة تداعيات الأزمة التي لا تلبث أن تتطور وتظهر بشكل أعمق».
وجاءت محاضرة اليوسف في سياق الندوة التي عقدت أمس تحت عنوان «الصيرفة الإسلامية، والتأمين، والتمويل الإسلامي في مملكة البحرين»، والتي نظمتها سفارة مملكة البحرين بفرنسا بالتعاون مع غرفة الصناعة والتجارة الفرنسية في باريس، برعاية بلاتينية من بيت التمويل الخليجي.
وفي سياق الجلسة التي عقدت تحت عنوان «الرقابة على الصيرفة الإسلامية ودور مصرف البحرين المركزي»، أضاف اليوسف «تمكن قطاع التمويل الإسلامي، والذي يعتبر بيت التمويل الخليجي من الرواد فيه، من تجنب تداعيات أزمة الرهن العقاري وذلك بفضل نموذج الأعمال الذي يستند إلى أصول فعلية ويستمد أصالته من أحكام الشريعة الإسلامية».
وأوضح «لا شك أن التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية قد مكّن بيت التمويل الخليجي والبنوك الإسلامية الأخرى من الصمود في وجه الأزمة، والوقوف بثبات أمام تداعياتها، بفضل الأحكام التي تقضي بتحريم الربا، والمضاربات، والإتجار بالديون والمنتجات المالية ذات الهياكل المعقدة؛ ما نأى بالمؤسسات المالية الإسلامية عن الاستثمار في هذه الأصول، والتي كانت لها نتائج سلبية على المصارف التقليدية. كما أدى مفهوم المشاركة في المخاطر والربحية بالضرورة الى أن تكون المؤسسات المالية الإسلامية أكثر تحفظا من نظيراتها التقليدية».
وأضاف «لقد عملت الأزمة الحالية على اختبار النظام المالي الإسلامي، وكشف مواطن القوة الأصيلة فيه، ونقاط الضعف المستمدة من ارتباطه بالاقتصاد العالمي والنظام المالي التقليدي».
ونوه إلى أنه على رغم ما تقدم فقد أظهرت البنوك في البحرين وحتى هذه اللحظة، بما في ذلك بيت التمويل الخليجي، قدرا عاليا من المتانة، ومعدلا جيدا من السيولة التي تجنبها تأثيرات سلبية عديدة الناجمة عن هذه الأزمة.
وفي الوقت الذي قامت فيه الحكومات حول العالم بضخ حجم كبير من الأموال لإنقاذ بعض البنوك العالمية المتعثرة، لم يبادر إلى الآن مصرف البحرين المركزي بالتدخل بهذا الشكل على رغم استمرار تداعيات الأزمة في الأسواق المالية على مدار الأشهر الماضية.
وقال اليوسف: «لا شك أن ما تقدم يعبّر عن القوة الكبيرة التي يتمتع بها نظام الصيرفة في مملكة البحرين، والذي يعود جزء منها إلى الإجراءات الحكيمة والفاعلة التي تفرضها الجهات الرقابية على البنوك المرخص لها، وكذلك إلى البنوك التي تتبع وتطبق إجراءات فاعلة في إدارة المخاطر».
وأضاف «وفي هذه الأوقات العصيبة، يعمل كل من مصرف البحرين المركزي وقطاع الخدمات المالية يدا بيد لمتابعة آخر التطورات، وضمان استعداد البنوك في البحرين لمواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية التي لا تلبث ان تواصل الإلقاء بظلالها على قطاع الخدمات المالية على المستوى العالمي»
وأشار اليوسف، إلى أنه على رغم أن الأزمة المالية الراهنة بددت نموذج اللمسات الرقابية الخفيفة؛ إلا أنه يتوجب على الجهات الرقابية عالميا وضع معادلة تحقق التوازن بين الإشراف الرقابي والحرية المؤسسية.
العدد 2405 - الإثنين 06 أبريل 2009م الموافق 10 ربيع الثاني 1430هـ