العدد 970 - الإثنين 02 مايو 2005م الموافق 23 ربيع الاول 1426هـ

في الظل الأسود

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

مرة أخرى أقابل أحد التشكيليين الشباب. .. وجه لا تستطيع الابتسامة أن تخفي ما يعتلج وراءه من ألم لا يطاق، ونظرة ثكلى توحي بالتعب والجهد والتفكير المستمر في وضعه ووضع غيره من التشكيليين الشباب... لماذا تقتصر الصحف والمجلات على أسماء بعينها؟! ولماذا كلما تقدمنا بعمل ومجهود كبير سدت أمامنا الأبواب؟! ولماذا فلان من التشكيليين والشعراء والكتاب هو من يحظى بالأضواء، بينما نقبع نحن في الظل الأسود؟!

أسئلة كثيرة لم أستطع الإجابة عليها، وإن أجبت عليها فلن أفي بغير جانب محدد منها.

سألته مجددا: ألا تبدو مبالغا بعض الشيء؟ إنكم جيل انفتحت أمامه أبواب لم تكن لتنفتح للأجيال التي قبله... لقد حظي جيلكم بعدد كبير من الصحف والمجلات لم تكن متوافرة من قبل، وحظي بغاليرات تشكيلية لم تكن موجودة من قبل، ومؤسسات ثقافية حكومية وأهلية لم تتوافر من قبل، والطريق الذي خطه الرواد قبلكم كان صعبا حفروه بجهدهم، في الوقت الذي لم يكن فيه للفنان مكان بين عامة الناس؟ إنكم لم تعيشوا تلك الأيام الصعبة التي لم تكن فيها أرضية يقف عليها الفنان، بينما لديكم الآن أرضيات لا أرضا واحدة.

أطرق صاحبنا لحظة ليجيبني بخشوع: "ومن قال إننا لا نقدر كل ذلك، ولا نحترم تلك التجارب الكبيرة والجهود الخيرة... ولكن، بالله عليك، أين نقف نحن وسط كل ذلك؟! صحيح أن المجلات والصحف اليوم كثيرة، وصحيح أن الغاليرات منتشرة بصورة لم يكن يحلم بها تشكيلي من قبل، وصحيح أن المؤسسات الثقافية في كل مكان، ولكن لماذا لا تتم مساواتنا بأولئك الكبار؟ ولماذا يلزمني التزلف لفلان من المعنيين كي يعلق لي لوحة أو يقيم لي معرضا تشكيليا؟! ولماذا كلما توجهت إلى غاليري خاص نظر الي متسائلا عن حجم المال الذي سيستثمره مع فنان شاب؟ ولماذا يلزمني أن أوسط تشكيليا كبيرا لكي أحظى بفرصة الكتابة عن معرض شخصي أقوم به؟!

إن الأمور - والكلام لايزال للتشكيلي الشاب - قد تبدو للناس، وهم يشاهدونها عن بعد لوحة جميلة منسقة الخطوط والألوان، ولكن كلما اقتربت منها أحسست بأنها مشوهة متكسرة

العدد 970 - الإثنين 02 مايو 2005م الموافق 23 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً