بعد أن أهمل الروس الشرق الأوسط لنحو عقد من الزمن، جاءت زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للمنطقة أخيرا على أمل أن تستعيد موسكو نفوذها المفقود في هذا الجزء من العالم الذي يخضع حاليا للنفوذ الغربي. واستبشر العرب بالزيارة على أمل أن يعود التوازن الذي ظل مختلا لفترة طويلة. فهل حقا ستفي الزيارة بالمتطلبات السياسية في هذه المرحلة؟
عندما أعلن بوتين أن بلاده ستستضيف مؤتمرا للسلام في الشرق الأوسط، سارعت القوى المحبة للسلام بالترحيب بالخطوة غير أن القوى الشريرة التي استمرأت ممارسة الظلم دائما بالشعوب رفضت الدعوة وتمت ممارسة ضغوط كبيرة عليه في تل أبيب ولاحقته الرسائل الهاتفية من قبل صقور البيت الأبيض الأمر الذي دفع وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى نفي المؤتمر.
وقال لافروف إن الاقتراح ينص على "اجتماع لخبراء رفيعي المستوى"! إذا ماذا سيقول هؤلاء الخبراء وما هي أجندة مؤتمرهم إن لم يكن السلام؟ لقد أنست الضغوط الصهيونية الأميركية الرئيس الروسي حتى من بقية أجندة زيارته ومنها مناقشة مسألة تسليم الروس المقيمين في المنفى في "إسرائيل". لقد تمكن هؤلاء الأثرياء من تكوين ثروات أثناء الفوضى الاقتصادية التي شهدتها روسيا خلال التسعينات مستغلين عمليات خصخصة مريبة للاستيلاء على مليارات الدولارات وبالتالي ممارسة الفساد.
وبالعودة إلى المؤتمر، عندما اجتاز بوتين متاريس تل أبيب، عاد لينفي التراجع عنه. وقال أن اقتراحه ليس المقصود منه عقد قمة وإنما اجتماع خبراء. وكان يفترض إن يكون قمة مادام الاقتراح صادر من أعلى هرم للسلطة في موسكو وفي زيارة تاريخية.
إن روسيا اليوم لم تعد ذلك الاتحاد السوفياتي الذي خاض غمار الحرب الباردة بشراسة فأثر وتأثر إلى أن خسر تلك الحرب ولكنه أفاد في حينها في مسألة التحرر لكثير من الدول وفي تعزيز "القومية العربية" التي لها الفضل في انتمائنا إلى الوطن الكبير. ونتمنى أن تعود موسكو قوية لتلعب ذلك الدور من جديد لكن طبعا من دون صحبة النظام الاشتراكي "الشيوعي" الذي هوت طواغيته عبر التاريخ بلا رجعة
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 970 - الإثنين 02 مايو 2005م الموافق 23 ربيع الاول 1426هـ