حوارات منتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" بدأت تمتد في مختلف مناطق العالم، وبدأ نفوذها يتوسع. ففي مطلع ابريل/ نيسان الماضي أطلق المنتدى تقرير التنافسية العربي الثاني، وفي نهاية ابريل عقد حوارات الطاولة المستديرة بين أصحاب الأعمال في دول آسيا ودول الشرق الأوسط، وفي 20 مايو/ أيار الجاري سيعقد الاجتماع الدوري للمنتدى في البحر الميت بالأردن والذي يتوقع ان يحضره قادة سياسيون واقتصاديون عالميون ومن المنطقة.
الحديث يتركز على مؤشرات الصحة الاقتصادية والسياسية، التي أصبح كثير منها اجماعا عالميا، ومن يلتفت إلى عوامل النجاح ويطرح رؤية واضحة على المدى القريب والبعيد يجد أن بإمكانه اللحاق بركب التنمية المستدامة والديمقراطية.
مؤشرات الصحة الاقتصادية كثيرة، ومنها ازدياد الإنتاجية والنوعية، وزيادة إجمالي الاستثمارات، وزيادة حصة القطاع الخاص من الاستثمارات، وتخلي الدولة عن السيطرة على إدارة الاقتصاد والاكتفاء بالتوجيه والضبط، وزيادة معدل تأسيس الشركات الصغيرة والمتوسطة وطرق تشجيعها وتنميتها، واحترام اخلاقيات المهنة من قبل القوى العاملة، ونمو الوظائف، وسهولة الحصول على تمويل لتشجيع رواد الأعمال، وسهولة الحصول على أرض وبنية تحتية لإقامة المشروعات... إلخ.
هذه المؤشرات الصحية للاقتصاد هي العناوين الجامعة لمشروعات الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك مشروع إصلاح سوق العمل ومشروع الإصلاح الاقتصادي اللذان طرحهما سمو ولي العهد، وهي أيضا العوامل الموجهة للمشروع الإصلاحي الثالث الذي سيطرحه ولي العهد بخصوص إصلاح التدريب والتعليم.
مؤشرات الصحة السياسية متوافرة امامنا أيضا، وهي تشمل الشفافية، المحاسبة، التعددية، المشاركة الحقيقية في صنع القرار، حكم القانون، احترام حقوق الإنسان، تمكين المرأة في الحياة العامة، حرية الرأي والتعبير، تشجيع الابداع، وتنمية روح المواطنة والمسئولية لكي يحسن استغلال أي مجال للحرية يتوافر للجميع.
هذه المؤشرات كثيرة ومتداخلة ولا يمكن لنا في البحرين ان نتقدم فيها إلا إذا كانت ضمن خطة شاملة ورؤية واضحة تعتمد على ريادة وعزيمة قيادية، واجماع وطني يقف خلف مشروعات الإصلاح التي يؤمن بجديتها.
على أن الحال المثالية ليست متحققة، ولذلك فإن الكثير يبحث عن الواقعية، بمعنى القبول بجزء مما يتحقق على الأرض، ومن ثم السعي لتحقيق المزيد. واعتقد ان أكثرية القوى الوطنية تنحو نحو الواقعية، وإن اختلفت في فهم الواقع وفي التقييم.
ولكن من ضرورات الديمقراطية القبول باختلاف الرأي، على ألا يؤدي هذا الاختلاف إلى اختلال السلم الأهلي.
وعلى رغم أن الأجواء تبدو محمومة أحيانا؛ لأن المعارضة تعلن برنامجا هنا وتجتمع هناك، فإن الملحوظ هو أن لغة المعارضة البحرينية الفاعلة على الساحة تقترب كثيرا من الواقعية، وهي تبحث عن دور يناسب طرحها ومبادئها وهو أمر مشروع. وما يبعث على الارتياح هو أن خطابات المعارضة أصبحت تتحدث بلغة متوائمة مع الاجندة الدولية التي تتحدث عن ضرورة توافر عوامل الصحة السياسية والاقتصادية لكي يتحقق السلم على المستويات المحلية والإقليمية والدولية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 970 - الإثنين 02 مايو 2005م الموافق 23 ربيع الاول 1426هـ