العدد 970 - الإثنين 02 مايو 2005م الموافق 23 ربيع الاول 1426هـ

البحرينيات دخلن دائرة النفوذ منذ القدم

البنكي في مركز الشيخ إبراهيم:

المحرق - محرر الشئون الثقافية 

تحديث: 12 مايو 2017

أكد الكاتب والناقد البحريني محمد البنكي أهمية الدور الذي لعبته النساء البحرينيات القريبات من دائرة النفوذ والسلطة في التـأثير على القرارات والسياسات الرسمية. وقال: "إن هناك أمثلة كثيرة على بحرينيات في عقود مختلفة من القرن العشرين مارسن السلطة وتحكمن في القرار".

جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها البنكي في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث مساء الاثنين 25 ابريل/ نيسان الماضي والتي جاءت بعنوان "تاريخ النساء البحرينيات... سرد بمنظور مختلف" إذ استعرض البنكي مجموعة من الأسماء النسائية التي كان لها أثرها الكبير في دائرة النفوذ.

سؤال مشروع

ومهد البنكي لمحاضرته بقوله: "إن عنوان هذه المحاضرة ربما أثار سؤالا عن هؤلاء النسوة المراد تناولهن في هذا الموضوع. وهو سؤال مشروع. لذلك كان لي تحديد أكثر من خلال العنوان الثاني وهو "سرد من منظور مختلف. إذ انه ربما تكون المقاربات التي تطرأ على بال من يتعامل مع هذا الموضوع أن الحديث هنا سيدور حول تاريخ أعيان أو فضليات النساء وهو مدخل مشروع، لكنه خلاف المدخل الذي رمت الدخول منه. وهناك مدخل آخر ربما لا يتعاطى أو يهتم بالنساء البحرينيات اللواتي كن قريبات من دائرة النفوذ والسلطة والتـأثير في القرار والسياسات حتى ولو كان رسم هذه السياسات من عالم غير منظور على الأقل بالنسبة إلى عموم المتابعين للشأن العام. وهو مدخل تاريخ النساء البحرينيات اللاتي اشتغلن بقضايا المرأة وحقوقها وجهود الرائدات في مجال الرعاية الصحية والتعليم ومحو الأمية".

وعن دور كبريات النساء والأعيان، قال البنكي: "إن هذا الدور عرفته المرأة في البحرين، ومن يقرأ كتاب ناصر الخيري "قلائد النحرين في تاريخ البحرين" سيجد إشارات إلى نساء كن في أدوار متقدمة، إذ ان هناك أمثلة على بحرينيات في عقود مختلفة مارسن السلطة وتحكمن في القرار. فمثلا في الفترة التي عاشت فيها البحرين في أيام الخوارج كانت هناك ثورات على الدولة الأموية ومن هذه الثورات ثورة الأشعث ابن أبي زينب. وكانت أخته زينب تشاركه هذه الثورة، فالروايات التي تتحدث عن خروجه على هشام بن عبدالملك، تتحدث عن كون زينب السلطة الخفية وقد تمكن الأشعث من أن يهزم عامل الأمويين على البحرين وهو الجارود لكن بعد ذلك انتصر عامل الأمويين على ابن أبي زينب فخلد الشاعر الفرزدق هذا الدور السياسي في قصيدة من قصائده حين قال:

"ولولا سيوف من حنيفة جردت

ببرقان أمسى كامل الدين أنورا

تركن لمسعود وزينب أخته

رداء وجلبابا من الموت أحمرا"

وأضاف "وهناك حوادث أخرى ذكرتها التحفة النبهانية. كالقول إن أول دخول للفرس إلى البحرين كان بسبب امرأة - بحسب ما تحكي رواية يوردها ناصر الخيري - أن الشيخ الجبري الذي كان يحكم البحرين من قبل بني عامر قد استهواه جمال زوجة وزيره وراودها عن نفسها فاحتالت عليه بأن بعثت إليه إحدى جواريها عوضا عنها فواقع الجارية ظنا بأنه يأتي زوجة وزيره، ثم علم بعد ذلك من الوزير نفسه أنه خدع فقام بقتل الوزير فخرجت هذه الزوجة من البحرين إلى دارين وبدأت بمراسلة الوالي الفارسي في ذلك الوقت محمد شاه بنده وإرسال الهدايا والعطايا إليه وهي تحرضه على الهجوم على الشيخ الجبري حتى تملكته هذه الفكرة فكان الغزو على البحرين ونهاية حكم الشيخ الجبري وتسلم محمد شاه بنده الحكم".

كتابات الشيخة مي

منوها بكتابات الشيخة مي بنت ابراهيم بن محمد آل خليفة بهذا الخصوص، قال البنكي: "عند الحديث عن كبريات وأعيان النساء في البحرين لا يمكن المرور من دون التوقف عند مؤلفات الشيخة مي آل خليفة لأنها ممن أفاض في الحديث عن هذا الموضوع، وممن تحدثوا عن أثر النساء القريبات من دوائر السلطة، في توجيه الأحداث، سواء في كتاب "الأسطورة والتاريخ الموازي" أو في كتاباتها الأخرى. إذ تحدثت عن نساء عديدات منهن الشيخة عائشة بنت محمد بن خليفة آل خليفة، التي كانت زوجة لحاكم البحرين الشيخ عيسى بن علي، إذ ذكرت ما ذكرته التقارير البريطانية عن دورها الكبير. وعن آثار الشيخة عائشة بنت راشد بن حمد زوجة الشيخ حمد بن عيسى التي تدل على مبلغ دورها في تلك الفترة". وأضاف "كما أوردت الشيخة مي جملة من المعلومات الطريفة والشائقة حين تحدثت عن نساء في حياة الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة حتى لقد استجمعت ما يرد في التراث الشعبي حوله. كما تحدثت عن نساء كثيرات من عائلة الجلاهمة ومن عائلة الزايد. ومن الطريف الذي أوردته في هذا الباب أن الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة كان متزوجا من سبيكة بنت عبدالعزيز الزايد وحدث أنه - على عادة البحرينيين قديما - يتخذون المصايف في الصيف بالانتقال من المناطق التي يقيمون فيها إلى مناطق أخرى. فكان الشيخ قد عزم على التصييف. وفيما كان الناس من خدم وحشم وأهل الشيخ مشغولون بتجميع الأغراض للذهاب بها إلى المصيف رأى الشيخ محمد بن خليفة فتاة لفتت نظره من بين من يقومون بتجهيز الأغراض فسأل عنها فقيل له إنها فاطمة أخت زوجته سبيكة - وأنا أنقل هنا حرفيا ما ذكرته الشيخة مي - إذ يبدو أن الحب من أول نظرة كان له دوره فوقعت فاطمة في مزايا الشيخ فأرسل في طلب أهلها وفاتحهم، وبما أن الشرع لا يجيز أن يجمع الزوج بين أختين طلق سبيكة وتزوج فاطمة. ومرت فترة من الوقت فتذكر الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة سبيكة وكأنه وجد نفسه وقد ظلمها فأرسل في طلبها ولكن أهل فاطمة وسبيكة غضبوا وانتقلوا إلى الكويت".

تقييم للسلطة

وقال البنكي: "إن ما ورد في كتاب الشيخة مي هو عبارة عن نثارات عن هؤلاء النسوة ولكنني أتمنى سواء من الشيخة مي أو ممن يأتي في إثرها أن يهتم بجمع هذه النثارات لتكون هناك دراسة مركزة على هذا الموضوع تحديدا. لأني أعتقد أن الأخذ بهذا الموضوع يمكن أن يعطينا تقييما شاملا لكيفية ممارسة السلطة في المجتمع في أية مرحلة من المراحل. إذ إن أهم المرتكزات التي يجب الالتفات إليها في هذه الدراسات هو أن هذه الزيجات القريبة من السلطة غالبا ما تكون زيجات لها أهداف استراتيجية وربما يكون بإمكان باحث من الباحثين أن يعمل تاريخا لهذه الزيجات الاستراتيجية وأهدافها على تداول السلطة وعلى حوادث كثيرة ربما لا تكون ظاهرة للعموم وللباحثين"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً