العدد 969 - الأحد 01 مايو 2005م الموافق 22 ربيع الاول 1426هـ

ملف مفتوح "2"

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هل انتهى الملف اللبناني وأخرج من قيد التداول الإقليمي بنهاية الحقبة السورية أم ان هناك من المشكلات اللبنانية وهي، على كثرتها، كافية لإبقاء الملف مفتوحا إلى فترة غير معلومة؟ يرجح أن يبقى الملف مفتوحا حتى لو أقرت دول مجلس الأمن التزام سورية بتنفيذ ما هو مطلوب منها. فالمسألة اللبنانية لا تلخص بوجود قوات سورية، والمشكلات المحلية لا تختصر بعنوان واحد. فالانسحاب العسكري أدار دفة الصراع وأسهم إلى حد معين في نقل الضغوط الدولية من دمشق إلى بيروت، وبات الآن على الدولة اللبنانية واجبات كثيرة منها تنفيذ ما يتضمنه القرار الدولي من فقرات تلزم الحكومة التعامل معها بإيجابية... وإلا.

إلى جانب الضغوط الدولية هناك عناصر داخلية تمانع أو ترفض الاستجابة لتلك الفقرات الظالمة التي يتضمنها القرار .1559 فتلك الفقرات ليست بريئة وهي في النهاية لا تأخذ مصالح لبنان وتوازناته المحلية في الاعتبار بقدر ما هي تلبي حاجات "إسرائيل" ورغباتها في اقفال الموضوعات الإقليمية على حساب المعادلات اللبنانية المتأرجحة طائفيا ومذهبيا ومناطقيا.

حزب الله مثلا أوضح موقفه من مسألة السلاح وطرح مجموعة صيغ للتسوية مؤكدا في النهاية استعداده لبحث كل التفصيلات في إطار الحوار الوطني ولم يستبعد من جدول الترتيبات الداخلية المفترضة موضوع السلاح. فالحزب شرح أسباب حمله للسلاح معتبرا أنه ليس هواية وأن القتال عنده ليس مهنة، ولديه الكثير من الأعباء التي يقوم بها إلى جانب هذه المهمة التي فرضت عليه.

سحب السلاح من وجهة نظر حزب الله مسئولية عامة وهي في المطاف الأخير مشروطة بمجموعة عوامل منها تقديم ضمانات تكفل عدم إقدام "إسرائيل" على تجديد عدوانها واجتياح الجنوب حين تأتي فرصة مناسبة كما حصل في العامين 1978 و.1982

هذا من جانب. ومن جانب آخر هناك شروط أخرى تتعلق بالسياسة العدوانية الصهيونية. فالسلاح الذي حمله حزب الله لم يستخدم داخليا ولم تفرضه ظروف لبنان المحلية، فهو أصلا جاء ردا على الاحتلال والعدوان الدائم وبالتالي فإن مسألة سحبه تتصل بمدى استعداد "إسرائيل" لتنفيذ كل القرارات الدولية، وتحديدا تلك المتعلقة بلبنان وأراضيه والإفراج عن أسراه وتقديم خرائط عسكرية تكشف عن حقول الألغام وغيرها من نقاط أخرى تمس سيادة لبنان وتهدد أمنه الوطني من تحليق طائرات واختراق سفن حربية مياهه الإقليمية، إضافة إلى أطماع الدولة العبرية في مياهه وهي أطماع لا تكف تل أبيب عن إعلانها.

هذه الضمانات المطلوبة من الجانبين لا تستطيع الدولة اللبنانية تقديمها. وإذا أعطتها فإنها تحتاج إلى تغطية من الشرعية الدولية تتكفل بالضغط على "إسرائيل" وتفرض عليها تنفيذ ما يتعلق بها من التزامات نصت عليها قرارات مجلس الأمن منذ العام .1967

مسألة سحب السلاح ليست مجرد تفصيل صغير في مجرى السياسة اللبنانية، لأنها أصلا هي جزء من مشكلة كبيرة تتعلق بالأمن الوطني وصلته بالتوازن الإقليمي ودور "إسرائيل" في توليد مشكلات أورثت المنطقة كوارث لا تحصى منها نكبة فلسطين وتشريد جزء من شعبها إلى الأراضي اللبنانية. فالموضوع ليس حلقة منفصلة عن سلسلة من المشكلات وفي طليعتها الوجود الفلسطيني في لبنان وما تفرع عنه من ملاحق تتصل بالمخيمات وسلاح "الميليشيات غير اللبنانية".

هذا الأمر "موضوع السلاح اللبناني والفلسطيني" يتطلب مجموعة خطوات لا تقتصر على الحوار الوطني الداخلي والروح الأخوية بين الأطياف والطوائف وإنما أيضا يتطلب صدور قرار جديد من مجلس الأمن أو ملحق دولي للقرار 1559 يضع على جدول أعماله مجموعة شروط على الجانب الإسرائيلي تلزمه تنفيذ ما يتعلق به من أمور ذات صلة بالموضوع الفلسطيني بصفته الطرف المسئول عن التشريد ونشوء المخيمات وكذلك بصفته الجهة التي تتحمل المسئولية السياسية والإنسانية في إجبار اللبنانيين على حمل السلاح للدفاع عن أرضهم وأهلهم.

الملف اللبناني إذا لم يقفل بخروج آخر جندي سوري. فأوراق الملف مشرعة على أكثر من احتمال وهي في النهاية لا تتعلق به بقدر ما تتصل بشئون المنطقة وتداخلات قضاياها الإقليمية

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 969 - الأحد 01 مايو 2005م الموافق 22 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً