عيد العمال عيد جميل، ولكنه أصبح بلا طعم ولا لون ولا رائحة. .. أي عيد وعمال الكهرباء تتفجر في وجوههم المحطات بلا علاوة خطر!... أي عيد وعمالنا بلا ضمانات ولا حقوق! ماذا عن عمال الصيانة والتوظيف في وزاراتنا، بعضهم التهمهم غول الخصخصة وبعضهم ضاعت حقوقهم بين مؤتمرات الكلام وبين ديباجات المديرين المتخمين كلاما وتنظيرا. من يسأل عن عمال وزارة التربية أو الكهرباء أو البلدية أو الصحة أو مؤسسات القطاع الخاص؟ أكلوا؟ شربوا؟ كيف يعيشون في ظل جنونية أسعار السوق الصاعدة؟ أبناؤهم محرومون من أقل القليل... نتكلم عن العمال وأطفالهم يحلمون بلعبة صغيرة وآباؤهم أكلتهم حيتان الجشع والإهمال وعدم التقدير.
لا أريد أن أكون قاسيا في تعبيري، ولكن الظروف هي تختار حروفها، للأسف يوجد مسئولون يعرقلون حتى الإصلاحات. هناك مرسوم ينص على أحقية تشكيل النقابات في القطاع العام وعلى رغم ذلك يضعون عصيهم في عجلة الإصلاح كي يصبح هؤلاء العمال عبيدا لهم بلا حقوق، مثل الهنود الحمر في أميركا أو زنوج إفريقيا أو السود في جنوبها... والسؤال: ماذا فعلنا للتسريح القسري... هل أوقفنا مطرقة القطط السمان التي تقف دون أخذ العامل لحقوقه ونحن في عصر انفتاح؟
إن مشكلتنا أننا نتاجر بعرق هؤلاء المتساقطين على عتبات بوابات وزاراتنا ومصانعنا بلا حقوق، ولأنهم أصبحوا الدجاجة التي تبيض لنا ذهبا. سؤال مهم: كم قضية أنجحنا لهم؟ كم قضية كسبناها لأجلهم؟ وحين توسلوا بالبرلمان راح البعض يناقش في البيض والدجاجة ويريد إلغاء عطلة عيد العمال باعتبارها غير شرعية! أقول: ما رأيكم أن نترك ركوب الطائرات ونعتلي الحمير أيضا بحجة عدم شرعية الركوب؟
أنا لا أعلم ما هذه التناقضات، من قال إن عيد العمال هو عيد الشيوعيين؟ ألم يكن رسول الله "ص" يهتم بالعمال ويمنحهم المال قبل أن يجف عرقهم؟ نعم، قاتل الله السياسة فهي بحر من نجاسة، وفعلا كما قال أنيس منصور: "ان السياسة هي فن السفالة الأنيق". هي انحطاط خلقي موشى بالألوان الزاهية.
نظرت زوجة عمر بن عبدالعزيز إليه وإذا به يبكي... قالت له: "مم بكاؤك؟ فأجاب: ويحك يا فاطمة، اني قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، ففكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع واليتيم المكسور والمظلوم المقهور والغريب الأسير والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة وذي العيال الكثير والرزق القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد... إنني أخاف محاسبة الله".
نحن لا نريد من هؤلاء النواب أن يكونوا في قمة العدالة، ولكن إما أن يقولوا خيرا وإلا فليصمتوا.
إن قانون التاريخ: أن الإصلاح مهم للتنمية، وها نحن اليوم نشهد إصلاحا، وللأسف أن من مبطئي الإصلاح هم بعض النواب وبعض الوزراء وبعض المسئولين ممن مازالوا يكرسون الإحباط في النفوس. المصلحون في الدولة يعملون ليل نهار لزرع الأمل في عيون الناس ومحاولة رفع المستوى المعيشي، ولكن المنتفعين من بقاء الاحتقان لن يقبلوا بذلك وسيعملون على زرع الإحباط، لهذا نشهد إحباطا هنا وهناك، ولكن على رغم ذلك علينا ألا نيأس وأن نحفر في الجدار ثقبا.
عندما يلتقي المسئول الوطني الإصلاحي مع الصحافة السائلة أو البرلماني الغيور مع الاتحاد العمالي الشعبي يكتمل المشهد ويبدأ القطار بالتحرك.
لقد سقط قانون أمن الدولة كما سقط سجن الباستيل في 14 يوليو/ تموز 1789م في فرنسا، إلى أن جاء يوم وشهدنا ديجول كيف يصنع دولة انفتاحية فرنسية.
الاتفاق الحر مع أميركا يجب أن نستغله لصالح الوطن، ولا نعبأ بالكلام الإنشائي، ويجب أن نخلق مناخا اقتصاديا بلا أزمات أو انفعالات كي ينمو الاقتصاد من دون أن ننسى توزيع الخبز على الفقراء وتوظيف العاطلين، وحفظ حقوق العمال، وأن نجعل المواطن محورا للتنمية، ولا نلتفت إلى نقيق الضفادع في الصحافة.
هل تعلمون أنه ثبت علميا أن النقيق هو صوت ذكور الضفادع وهو يعتبر وسيلة لجذب الإناث واستعراضا لقوة الذكر أمام الأنثى، يعني القضية فرويدية بحتة!
يجب أن ندعم الحركة العمالية في البحرين وندعم النقابات، ونقول: أين درجات العمال الممنوحة؟ أين رتبهم؟ أين علاواتهم؟ أين هو القانون؟ دعونا نقف معهم فإن أكثر أهل الجنة من الفقراء كما يقول الحديث.
لا عيب أن يكون الإنسان عاملا أو موظفا عاديا. وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر تحول من السياسة إلى التعليق الرياضي في بطولة العالم 1994 في أميركا. والزعيم هتلر كان نقاشا وكان فنانا؛ رسم نحو 1500 لوحة فنية، وريغان كان ممثلا، وكثير من كبار الشخصيات ولدوا في بيئات فقيرة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ