العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ

مقارنة بين الاشتراكيين والإسلاميين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تحتفل البحرين اليوم "1 مايو/ أيار" بعيد العمال العالمي، وهي ليست المرة الاولى، وإنما بدأ رسميا قبل ربع قرن، وهذه هي السنة الرابعة التي ستخرج فيها مسيرة عمالية. ففي عصر اليوم تنطلق المسيرة من أمام النادي البحري، خلف مبنى الأمم المتحدة، وتستمر حتى الوصول إلى دار الحكومة، رافعة المطالب العمالية المعتادة، وهي كثيرة، ومنها مشكلة البطالة، والسماح بالنقابات في القطاع الحكومي، وحق التفرغ النقابي.

لقد بدأ العمال يحتفلون بالأول من مايو منذ أواخر القرن التاسع عشر بعد خروج مظاهرات في مثل هذا اليوم في استراليا والولايات المتحدة الأميركية تطالب بخفض ساعات العمل اليومية وتحسين ظروف العمل. كان ذلك هو القرن الذي انتشرت فيه الاشتراكية في جميع الدول الصناعية، كما تنتشر اليوم الحركة الإسلامية الشعبية في كل البلدان الإسلامية.

أصبح الاشتراكيون في منتصف القرن التاسع عشر هم الأكثرية، وهم الشارع السياسي في كل أوروبا والدول الشبيهة بها، وكانت قاعدتهم تتوسع في كل مكان. في الوقت ذاته كان أكبر مفكر للاشتراكية، كارل ماركس، يعيش في لندن ويشارك في المظاهرات العمالية هناك، وقد تنبأ "وتبين أن ما تنبأ به كان خطأ" بأن الثورة الاشتراكية قد بدأت في بريطانيا وان الاشتراكيين سيستلمون الحكم في أول دولة لهم.

رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير قال بعد انتصار حزب العمال الساحق في العام 1997 ان مثل هذا الانتصار كان من المفترض أن يتحقق قبل مئة عام. وربما كان محقا لأن القاعدة العمالية كانت أكبر في القرن التاسع عشر بثلاث إلى أربع مرات مما هي عليه الآن. غير أن الفرق هو أن الحركة الاشتراكية في القرن التاسع عشر ابتلت بـ "الفوضوية" وعدم الانضباط، وكثرة الأهداف والطموحات.

ربما ان الحركة الاسلامية التي تسيطر حاليا على الشارع السياسي في العالم الإسلامي تعاني مما عانت منه الحركة الاشتراكية في القرن التاسع عشر من ناحية كثرة العدد وقلة التنظيم وتشتت الأهداف والآراء، وربما أن عليها أن تنظر إلى تجارب الاشتراكيين وكيف تطورت مع الأيام. بعض الاشتراكيين آمنوا بالشيوعية "على اساس النظرية الحتمية للتاريخ التي أطلقها ماركس"، وبعضهم آمن بها على شكل مخفف ودخل العملية السياسية، مثل حزب العمال البريطاني. والغريب ان الذين آمنوا بـ "حتمية التغيير التاريخي" انتهوا من روسيا وأوروبا الشرقية، ولكن الذين ركزوا على الجانب العملي من الاشتراكية، وتركوا الجانب الايديولوجي - الحتمي، سيطروا على كثير من الدول الأوروبية "كما هو حاليا" ديمقراطيا، ومن دون الحاجة إلى تصفية الآخرين.

الاشتراكيون الديمقراطيون استطاعوا "من خلال الإيمان بالمشاركة الديمقراطية" أن يحصلوا على ما عجز عنه الاشتراكيون الشيوعيون - الثوريون، الذين فقدوا أكثرية مواقعهم وتراجعوا كثيرا.

ربما أن الإسلاميين الذين يؤمنون بالمشاركة الديمقراطية، وبالتعددية، وبتداول السلطة، وبالتعددية وقبول الآخر، هم الذين سيسودون في المستقبل، وربما يحققون ما عجز عن تحقيقه الإسلاميون المؤدلجون بصورة مثالية، تماما كما حدث للاشتراكيين.

لست أدري ماذا سيقول كارل ماركس لو كان حيا هذه الأيام، ولست أدري إن كان سيعترف بالاشتراكيين الديمقراطيين في أوروبا وغير أوروبا، ولست أدري ماذا سيصيبه لو علم بما حصل لثورة تلامذته في روسيا وغير روسيا. ليس مهما أن أعرف ذلك، ولكن المهم أن نستوحي الدروس والعبر ونتطلع إلى غد أفضل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً