المسائل لم تعد كما في السابق. فقد تغير كل شيء ولم تعد الحاجة "أما" للاختراع فقط، بل تحولت إلى عائلة فيها الأب والأم والأهل جميعهم... وتحولت الحياة هذه التي نحيا دقائقها إلى لحظات متجددة تنعش خلاياها بكل ما هو ذو نفوذ وقوة وقدرة على الجذب وشد الانتباه.
وهنا يبرز سؤال: كيف يتأتى مع كل الضجة المثارة والاختراعات والاكتشافات الذهنية المدهشة أن تخرج بشيء متميز في وسط مدهش فعلا؟ وخصوصا إذا ما تعلق هذا الأمر بشيء متعلق بالحياة اليومية.
دارت في رأسي هذه الأفكار وأنا أستمع إلى نغمة عزائية على نقال إحدى الزميلات. كانت النغمة مقتطفة من أنشودة عزائية لأحد الرواديد الشباب، وكانت نغمة محزنة فعلا قادرة على التسرب ببساطة إلى عقل ونفس المستمع.
والحمد لله أنني أحببت النغمة وتشوقت يوميا إلى الاستماع إليها. بينما هناك من النغمات ما يكون وقعه كئيبا يمجه السمع والذوق.
ولكن ما باليد حيلة. لماذا ذكرت ذلك؟! لأن الفكرة التي دارت برأسي هنا هي أن الحياة هذه التي نحيا دقائقها اخترعت فيما اخترعت طرقا جديدة لم نعهدها من قبل في تسريب أفكار الأشخاص ومواهبهم وحتى الترويج لبضائعهم، فتلك النغمات التي تسمعها من الهاتف النقال أنت مقيد أمامها، ولا تستطيع أن يكون لك رأي بشأنها. فأنت ببساطة لا تستطيع أن تمسك بنقال الزميلة لتوقف رنته الموسيقية لأنه ليس بهاتفك؟ لذلك تأتي هذه النغمات من دون إذن منك ولا قدرة لك على ردها. فأنت أمامها عاجز عن صدها.
وحكاية نغمات الهاتف النقال لا تقف بك عند هذا الحد، فهي حكاية تحمل جوانب أخرى تشير إلى أن هذا الوقت من الحياة لم يكتف فقط بأن يفرض علينا شروطه وتوجهاته حتى حملنا شروطه أينما نذهب. فنغمة الهاتف تظل عالقة بذهنك طالما أن الناس جميعهم يحملون الهاتف
العدد 967 - الجمعة 29 أبريل 2005م الموافق 20 ربيع الاول 1426هـ