تعتبر موضوعات مثل الآثار والبيئة من الأمور الأقل أهمية لدى شريحة كبيرة للأسف من مجتمعنا البحريني المليء بالمتناقضات في أسلوب تعامله مع القضايا المهمة والحيوية التي تمس هوية وحياة المواطن البحريني بشكل عام.
فالآثار التي لا تمثل أو تنتمي الى حقب تاريخية معينة والتي تكرر على مسامعنا على الدوام، لن تحظى بالوتيرة نفسها من الاهتمام مع حقبتي دلمون وتايلوس ويبدو ذلك جليا في كيفية التعبير والاهتمام بالأمر بين الحكومة والشارع فالتفاوت كبير.
هذا الكلام قد يوجع بقدر ما يحبط، فعندما تجد الاهتمام الرسمي يركز في احتفالية تتحدث عن تاريخ أقدم حضارة إنسانية عاشت على أرض البحرين وامتدت روافدها الى الضفة الشرقية من شبه الجزيرة العربية بهذه الصورة المتواضعة من التنظيم، أي التنظيم الذي لا يتعدى الأسلوب المدرسي والتقليدي فإن ذلك بحق مخجل للغاية خصوصا لمكانة موقع وتاريخ مثل قلعة البحرين.
وعلى رغم اننا كبحرينيين اعتدنا على مثل هذه التنظيمات في وقت تحول فيه غيرنا من دول الجوار الى خبراء في أساليب التنظيم لشتى احتفالياتهم المختلفة بأحدث تقنيات التقديم ... فإننا في البحرين مازالت احتفالياتنا تركز على رفع الاعلام وبسط السجاد الاحمر ونثر فرق تقرع الطبول بايقاعات بعيدة عن طبيعة تاريخ موقع قلعة البحرين مثلا.
فهذا الموقع الذي يضم ست مراحل مهمة من تاريخ البلاد لم يتحدث عن حقب مثلت هذا الفن الموسيقي من قرع الطبول التي وجدت في يوم الاحتفالية.
أيضا بدلا من ان تقام الاحتفالية خارج القلعة حفاظا عليها من أي عامل قد يؤثر عليها فقد أقيمت بالداخل لتكون بذلك حفلا صغيرا لاحتفالية كبرى تليق باكتشاف هذه الحضارة.
ليس هذا فحسب فالحفل اقتصر على كلمات متواضعة تتحدث عن الاكتشاف ودور البعثات الدنماركية فقط في تجاهل صريح لدور البعثات الاخرى، بينما لم تختتم كلمات الحفل بالجريمة التي كانت سترتكب بحق هذا الموقع قبل ثلاث سنوات من ردم وطمر وكيف تم انقاذ الموقع من ايدي الجشع والجهل بتاريخ حضارة يبلغ عمرها 3000 سنة قبل الميلاد.
وللأمانة التاريخية فإن علينا ألا ننكر دور حملة "الوسط" وعريضة علماء الآثار الفرنسيين وغيرهم ممن عملوا اخلاصا لتاريخ الانسانية والبحرين سنوات طويلة من المنقبين اضافة الى ابناء الوطن المخلصين في وقف ردم الساحل المقابل للقلعة وإنقاذ ما يمكن انقاذه بعد ان تشوه الموقع بعدة ممارسات.
كل ما نرجوه ان يسعى الجميع للمحافظة على الموقع وذلك من خلال عدم رمي مخلفات علب العصائر وغيرها... وايضا ألا يسمح لسيارات الآيسكريم بالتجول في الموقع كما يحلو لها لانه في يومين فقط من بعد الاحتفالية انتشرت مخلفات الاطعمة والاكياس البلاستيكية بصورة قياسية... هذا ان اردنا ان يبقى هذا الموقع مكانا يستمتع به الجميع ويعكس صورة شعبنا في المحافظة عليه آثريا وبيئيا
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 967 - الجمعة 29 أبريل 2005م الموافق 20 ربيع الاول 1426هـ