قالت مؤسسة الأقصى لاعمار المقدسات الاسلامية في "اسرائيل" إن شركة حكومية اسرائيلية باشرت ببناء جسر جديد في منطقة حائط البراق يهدف إلى إدخال أكبر عدد من اليهود والسياح الاجانب الى المسجد الأقصى، عن طريق باب المغاربة الذي تسيطر الشرطة الاسرائيلية على مفاتيحه بشكل كامل.
وأضافت المؤسسة في بيان تلقت "الوسط" نسخة منه ان السلطات الإسرائيلية ستباشر بعد الانتهاء من بناء الجسر بهدم الآثار الاسلامية التاريخية الواقعة بجانب الجسر الجديد الذي يحوي الطريق المؤدي الى المسجد الأقصى وهو ما تبقى من حارة المغاربة الذي هدمه الاسرائيليون خلال احتلال المسجد الأقصى في .1967
وكانت مؤسسة الاقصى تأكد لها هذا الاعتداء الجديد على المسجد الأقصى خلال متابعتها وجولاتها التفقدية اليومية التي تقوم بها للمسجد الأقصى ومحيطه، وبينت ان شركة "تطوير القدس الشرقية" التي تعمل بتنسيق كامل مع مكتب ارييل شارون، هي التي تقوم ببناء هذا الجسر، كبديل للجسر المقام على الطريق المؤدي الى باب المغاربة، وقد انهار جزء من هذه الطريق مطلع فبراير/ شباط 2004 نتيجة الحفريات الاسرائيلية في المنطقة المذكورة، ومنعت المؤسسة الاسرائيلية حينها دائرة الأوقاف الاسلامية في القدس من أجراء أية ترميمات لهذا الطريق التاريخي.
وقال مدير أوقاف القدس عدنان الحسيني إنه بعث رسالة احتجاج على بناء الجسر، "ونحن نعتبر هذه الأعمال عبثا بتاريخ مدينة القدس والتعرض لآثار اسلامية في غاية الأهمية، ولقد تم الاعتراض رسميا للبلدية والشرطة الاسرائيلية ولكن طريقة التعامل هي بإنكار حقوق الآخرين، وهم لا يعيرون أي اهتمام لدائرة الأوقاف الاسلامية، التي تمثل جميع مسلمي العالم، وهذا يدل على الفشل الكبير الذي تقع به المؤسسات الاسرائيلية في مدينة القدس".
وأضاف الحسيني ان هذه المنطقة هي ما تبقى من حي المغاربة الذي هدمته الجرافات الاسرائيلية بعد حرب 1967 وهي طريق كانت تؤدي ما بين حي المغاربة وحي الشرف في البلدة القديمة والمسجد الاقصى، وما يجرى تنفيذه الآن هو تغيير لمعالم المنطقة بأسرها وبطريقة تنم عن عدم خبرة في التعامل مع الآثار في الوقت الذي يتشدقون بأن الآخرين يقومون بإزالة الآثار وتدميرها".
وتابع الحسيني: "نحن نرى في هذا المشروع خطورة بالغة وتغييرا لمعالم واعتداء على أملاك اسلامية وآثار وتاريخ عربي اسلامي في المدينة المقدسة، ومن جهتنا سنسعى بشتى الطرق لوقف هذا المشروع، الذي يسيء الى طابع مدينة القدس العربي الاسلامي، وسنقوم بالاتصال بكل من يعنيه الأمر على مستوى عربي وإسلامي وعلى مستوى اليونيسكو".
مؤسسة الاقصى لاعمار المقدسات الاسلامية اعتبرت بناء الجسر حلقة من سلسلة حلقات تسعى من خلالها المؤسسة الاسرائيلية وأذرعها المختلفة الى فرض المزيد من السيطرة على المسجد الأقصى المبارك والمحيط الملاصق به. واعتبرت المؤسسة هذه الممارسات تهديدا مباشرا وفوريا على المسجد الاقصى، يضاف الى مخاطر الحفريات التي يقوم بها الاسرائيليون تحت المسجد الأقصى وفي محيط اسواره التي لم تتوقف حتى يومنا هذا.
وبينت انه تم أخيرا افتتاح باحة جديدة في الجزء الأخير من الجدار الغربي للمسجد الأقصى تمارس فيها شعائر دينية يهودية لما يطلق عليهم "اليهود المحافظين" وتستعمله هذه الطائفة بديلا عن حائط البراق، الذي يطلق عليه اليهود حائط المبكى زورا وباطلا، بسبب مضايقات من بعض الفرق الدينية اليهودية، واصطلح على تسميته - كذبا وتزويرا - "باحة الهيكل الخاصة باليهود المحافظين" ويقوم العشرات من الرجال والنساء بزيارة هذا المكان.
وجاء تخصيص هذا المكان بقرار من المحكمة العليا الاسرائيلية، وقامت الحكومة الاسرائيلية باستثمار ما يقرب من 2 مليون شيكل في باحة الحائط البديل، وقد تم تركيب سبيل إسفلتي يسمح بمرور المعوقين عليه، وسمح باختلاط الرجال بالنساء.
وذكر رئيس حركة المحافظين الاسرائيلية، الحاخام ايهود بنديل انهم راضون جدا لإقامة الصلوات المختلطة، وإن نساء الهيكل والإصلاحيين يعترضون على الباحة الجديدة كونها ليست الحائط الأصلي، ويدعي أصحاب فكرة الحائط البديل أن الحائط هو الحائط نفسه، ويستطيع كل يهودي أن يضع فيه قصاصات والأمر ليس حكرا على الرجال.
هذه الباحة التي أقيمت للمحافظين تأتي على حساب آثار وأوقاف اسلامية منذ الفترة الأموية وعلى حساب جزء من مدرسة الخانقاه الفخرية التي هدم الجزء الأكبر منها بعد الاحتلال الاسرائيلي للقدس القديمة ومن حارة المغاربة بأكملها. وفي السياق ذاته، ذكرت مؤسسة الأقصى ان المؤسسة الاسرائيلية تواصل البناء باعمال إنشائية تؤدي الى تغيير معالم تاريخية في محيط الأقصى من دون رقيب، فقد انهت أخيرا أعمال ترميم في الحائط الجنوبي البارز للمدرسة التنكزية، وهو الجدار المحاذي لحائط البراق، وهذا البناء يستعمله الاسرائيليون مقرا لقوات حرس الحدود في منطقة الحرم القدسي، وعلى رغم اعتراضات الاوقاف الاسلامية فإن المؤسسات والشركات الاسرائيلية تتابع أعمالها بشكل طبيعي ولا تلقي بالا للإعتراضات.
وإمعانا من المؤسسة الاسرائيلية في انتهاك حرمة المسجد الأقصى وساحة حائط البراق، فإنها تقوم يوميا بإدخال عشرات المجموعات من اليهود والسياح الاجانب تحرسهم قوات الشرطة، فتتجول هذه المجموعات في ساحات المسجد الاقصى بلباس سافر وفاضح واختلاط وتشابك أيدي الفتيان والفتيات. ويتم التقاط الصور الجماعية من دون مراعاة لحرمة المسجد، وكل من يعترض على هذه الممارسات والمشاهد من المسلمين يتعرض للتحقيق او الحجز او الحبس او المنع من دخول المسجد الأقصى، الامر الذي حصل اكثر من مرة.
كما تقوم منظمات يهودية برعاية حفلات تطلق عليها "عيد الميلاد"، وهو احتفال خاص لمن يبلغ الـ 14 عاما من اليهود، ولربط هؤلاء الشبيبة بمعتقدات يهودية حول البراق والمسجد الاقصى تقوم بعقد هذه الحفلات في ساحة البراق ويصاحبها الأغاني وبرامج اللهو، وآخر هذه الحفلات كان يوم الاثنين 18 ابريل/ نيسان الجاري، وتأتي هذه الحفلات والفعاليات كجزء من فعاليات مبرمجة من قبل هذه المنظمات اليهودية التي تسعى الى مزيد من السيطرة على حائط البراق والمسجد الأقصى وتدعو الى بناء الهيكل الثالث المزعوم على حساب المسجد الأقصى بأسرع وقت ممكن بحسب تصريحاتهم المتكررة
العدد 966 - الخميس 28 أبريل 2005م الموافق 19 ربيع الاول 1426هـ