لو أن جزءا مما يحدث في قرية المعامير، ماثل وقائم في دولة أخرى لسقطت الوزارة فيها، ولسيق المسئولون مخفورين الى الجهات القانونية، ولوجدت فيه وسائل الإعلام فرصتها السانحة لفتح ملفات ظلت مؤجلة ومسكوتا عنها، وما أكثرها في هذا البلد.

ما يبعث على الإستفزاز، ويخرج المرء من طوره، ان بعض المسئولين عندنا بدلا من أن يقولوا خيرا أو يصمتوا، يتبرعون من تلقاء أنفسهم - من دون أية ضغوطات تمارس عليهم - بتبرير وتجميل قبح الكارثة في المعامير، وهو تبرير يكشف عن استعداد كثيرين لتأكيد ان الذئب حمل، كما هو الأمر في القصة الشهيرة، وبدلا من أن يكتفي أحد المسئولين بإبداء رأيه وضمن تخصصه خرج علينا في تجاوز فاضح بتصريحات تدين جأر الناس بالشكوى وهم يجدون بين أبنائهم وأحبتهم من طاله المرض الخبيث بفعل الغازات المنبعثة من المصانع المحيطة بالمنطقة، وجاءت الإدانة بتقريره الارتجالي حين أشار الى ان السرطانات التي تعاني منها المنطقة - بفعل الغازات - هي سرطانات عادية، وكأنه يتحدث عن "حوطة غنم" في منطقة يسكنها بشر كرمهم الله، فحتى البهائم لو قرر لقسم الثروة الحيوانية ان يدشن مركز أبحاث في المنطقة، ستكون في وضع اعتبار من حيث حجم الضرر الذي يمكن ان تتعرض له تلك الثروة، وسينفذ بجلده وجلد أبحاثه وحيوانات مركزه، فيما البشر يتم التعامل معهم في مرتبة أدنى من ذلك. وفوق هذا وذاك يبدو أن لا حق لأهالي المعامير في رفع أصواتهم بالشكوى، اذ قرر أحدهم ان سرطاناتهم "كاذبة" كالحمل الكاذ