سؤال مهم: هل الحب بين الزوجين يتآكل ويتلاشى بعد الزواج؟ ولماذا أول الأيام الزوجية من شهر العسل الذي دائما ما يختم بشهر بصل وجفاف عاطفي ولكمات على طريقة محمد علي كلاي يكون جميلا ثم تسقط الأقنعة أو يذوب شمع الحب في أفران الحياة الصعبة والملتهبة؟ لماذا كل ذلك؟ الحب بين الزوجين كوردة الياسمين تحتاج إلى اعتناء دائم وإلى ضوء هادئ من الشمس وإلى ماء نقي ومتابعة. .. مشكلتنا في الزواج أننا نتعاطى معه كما نتعاطى مع أية قطعة أثاث جميلة تبهرنا عند أول نظرة ثم نشتريها، نختار المكان المناسب لها في زاوية جميلة من المنزل، كل يوم ننظر إليها مبهورين ثم إذا شبعنا من النظر إليها نسيناها بمعنى أنها فقدت بريقها.
العلاقة الزوجية تحتاج إلى غذاء روحي... إلى حب... إلى كلمات عذبة... إلى شعر جميل وإلى شعور مرهف... إلى لفتات أنيقة، أن تفاجئ هذا العشيق أو العشيقة بالهدية المحببة أو بالسفرة الجميلة، وغالبية الزوجات إذا لم يتوافر لهن ذلك يقنعن بالكلام الجميل بل يقدرنه أكثر من أي شيء مادي، وخصوصا إذا جاء عفويا وبلا تكلف وفي مواضع تنم عن ذوق رفيع.
سئل زوج أعرابي، أتحب زوجتك، قال على عفويته مكررا بيت الشاعر المنخل اليشكري: وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري.
أرأيتم دفء العلاقة بين الزوجين قد تسري وتصل حتى إلى الحيوانات المجاورة إلى المنزل. هذه حقيقة، هناك بعض الأزواج لا يمكن أن ينسى زوجته ومواقفها الكبيرة ولو فارقت الدنيا كما قال جميل بن معمر:
يهواك - ما عشت - الفؤاد فإن أمت
يتبع صداي صداك بين الأقبر
وذاك شاعر من شدة حبه إلى زوجته أصبح يكرر عليها الشعر الجميل:
ولو ان داعيا منك يدعو جنازتي
وكنت على أيدي الرجال حييت
هناك مثل ألماني يقول: الحب أعمى، لكن الزواج يعيد له النظر. ولكني أختلف مع هذا المثل، الحب الصادق بين زوجين يبدأ نبتة صغيرة أثناء مرحلة الخطوبة والزواج يؤصله ويقوي جذوره، والحب الطاهر بين الزوجين يبقى ما بقي الحب، والحب ذو الغرض ينقضي بانقضائه، وأكبر خطر على الزوجين هو العشق الساذج.
قد يحب الزوج زوجته وقد تحب الزوجة زوجها، ولكن حبا ساذجا، والسذاجة هذه هي مادة السم المخدرة التي تبقى سنين تعبث بمناعة العلاقة حتى تقضي عليها.
الحب بين الزوجين هو الجوهرة التي تومض إلى الأبد، قد يتلاشى الشباب ويموت الجمال كما تموت الزهرة، أما المودة والمحبة بين الزوجين فهي تبقى. هل تعلمون أن هناك أزواجا وزوجات على كبر سنهم مازالو يعيشون علاقة حب حميمة... ذهبت ذات يوم إلى متجر كبير لفتت انتباهي زوجة كبيرة السن تنتقي إلى زوجها وهو أيضا كبير السن لباسا جميلا وروبا جميلا.
عندنا أزواج نفس الخشب، لا يهمهم كثيرا تجدد جمال زوجاتهم، وعندنا زوجات آخر ما يفكرن فيه هو الأناقة والهندام وأهمية تذويب الشحوم... التقصير للانصاف من الاثنين.
بعض الأزواج يرون الحب أنه الاجتهاد في جلب كميات كبرى من أكياس الرز والطحين إلى المنزل، يرون الزوجة بقرة تكتفي بالبرسيم والشعير ثم تنام. حياة روتينية بلا طعم ولا لون ولا راحة... ضمور في العاطفة... انعدام في الكلمات الجميلة... وأيام لا تجدد فيها متشابهة كحبات الرز وعيون الصينيين، لا سفر، لا رحلة، لا غداء في مطعم، لا زيارة.
حتى في السياسة والعمل الاجتماعي يخطئ الزوج عندما يصبح العمل الاجتماعي أهم من بناء الأسرة، فالأبناء لهم حقوق والزوجة لها حق... ان تعطيهم من وقتك ولو يوما في الأسبوع، تغلق الهاتف وتجعله يوم العائلة، تلعب مع الأطفال، تجلس مع هذه الفقيرة، تتبادل معها الأحاديث وتشرب الشاي مع شوي المشويات "باربكيو". التجدد مهم في العلاقة بين الزوجين.
كثير من العادات التي نعيشها هي عادات خاطئة. عندنا زوجات مجرد أن تصل سن الأربعين تنسى شيئا اسمه زواج وحب ونضارة وتجدد وعاطفة وجمال وتزيين، مشغولة 24 ساعة في تربية الأطفال أو العمل الوظيفي أو المنزلي، وتهمل نفسها بطريقة عجيبة فتصبح وكأنها أم الزوج.
الجمال والشباب مثل أي شيء في الحياة عندما تهمله يفقد نضارته ويشيخ سريعا، والمرأة الذكية هي التي تعمل على تجديد شبابها وجمالها لزوجها وتكون في حرب دائمة مع شبح الشيخوخة.
الاهمال هو أول مسمار يدق في نعش السعادة الزوجية، وأهم مسألة في الزواج ألا يقبل الزوجان بالطلاق العاطفي، أو أن يعيشا حال تنفس عاطفي صناعي مؤقت يمكن أن ينتهي بالوفاة في أية لحظة، ولكي يستقر الزواج يجب أن يبتعد كلا الزوجين عن الأمراض الزوجية والتي منها: 1- مراهقة الشيخوخة. 2- الخيانة الزوجية. 3- البخل المالي. 4- البرود الجنسي. لا حب مع الاستبداد والتسلط، لا بقاء للمودة مع النكد والعدوانية.
انتهى علماء في جامعة كاليفورنيا الأميركية إلى أن "خناقة" زوجية واحدة حامية الوطيس مدتها 15 دقيقة كفيلة بأن تحدث تغيرات سلبية على جهاز المناعة في الجسم وأوعية القلب الدموية وضغط الدم.
ولمن يحب تثقيف نفسه في العلاقات الزوجية أطرح له بعض الكتب، وهي: 1- أمراض الحياة الزوجية، لسامي محمود. 2- روعة الزواج، لعادل صادق. 3- سيكولوجية الجنس، ليوسف مراد. 4- لا تظلموا المرأة، لمحمد الفقي. 5- الجنس والزواج وفن الحب، لهنري آلس. 6- حواء وأحلى سنوات العمر. 7- كيف تعيش 365 يوما في السنة، لجون شندلر.
كلنا عيوب ونواقص والجميل منا من يغير نفسه ليوقد شمعة حب وسعادة لمن يحبهم. ختاما نقول: بعض الأسر البحرينية تعاني - الزوج أو الزوجة - من الطلاق العاطفي غير المقصود، يجب أن نزيل فتيله بالوعي الأسري كي لا ينفجر
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 965 - الأربعاء 27 أبريل 2005م الموافق 18 ربيع الاول 1426هـ