لم تعد النظرة للتعليم كالنظرة التاريخية التي عهدناها في الأندلس، إذ يشد أبناء الملوك والأمراء الأوروبيون الرحال لنهل العلم والمعرفة من الجامعات الإسلامية العريقة في مدينة عبدالرحمن الداخل وجوهر الصقلي، فغدا الطالب من شاشته الصغيرة المثبتة على طاولة المكتب والتي يرتبط بها بالعالم وهو جالس من خلال "كيبل" رفيع قد يسمى "سبيد نت" أو"دايل أب" متمكنا من أن يمسك بزمام العلم ويخوض في غماره، إنه عالم الإنترنت.
توجهت جامعة البحرين أخيرا نحو التعليم عن بعد أو ما يحلو للكثيرين تسميته التعليم الإلكتروني، وهو اعتراف مهم من هذه الجامعة الوطنية بمتغيرات القرن الجديد وما تفرضه من متطلبات أصحبت في واقعنا الراهن حاجة ملحة، ومع تطلع الكثيرين للتوفيق بين العمل والدراسة أو التخصص في علوم أرحب لن تستطيع الجامعات التقليدية بمبانيها ومنشآتها مسايرة هذا الطلب المتنامي على هذه السلعة، وأقول سلعة لأن قطاع التعليم والتدريب أصبح تجارة بحد ذاته بقدر ما أصبح واجبا اجتماعيا لتطوير وتنمية المهارات الإدارية.
فالتعليم غدا عملا تجاريا مدرا للأموال وكلما نجح المستثمرون في هذه السلعة الاستراتيجية من تحسين الجودة وتوسيع الخيارات وإيجاد مرونة أكبر مع طلبتها بشتى مشاربهم وثقافاتهم واحتياجاتهم أمكنها النمو لتصبح شركات عملاقة تشابه إلى حد كبير طريقة التفكير التجارية في "جنرال موتور" أو "توشيبا".
مع تدشين مشروع الإصلاح الاقتصادي والذي يتضمن مرحلة إصلاح قطاعي التدريب والتعليم، يتحتم على العاملين على الجامعات الخاصة في المملكة التي أصبحت تنتشر كانتشار النار في الهشيم مراجعة توجهاتها والمساهمة في حركة الإصلاح الجديدة، ولعل من أهم الوسائل التي يمكنها أن تسخرها في سبيل المساهمة في الإصلاح التعليمي في البحرين هي الأداة الإلكترونية، فالبحريني - الفقير - غير قادر على مجاراة رسوم الجامعات الأهلية والخاصة والجامعات الحكومية لم تعد تستحمل هذا العدد الهائل من الطلبة فلماذا لا يتم التوفيق بين المتطلبات المالية للجامعات الخاصة وبين الأدوات الإلكترونية الحديثة في سبيل تقديم خدمة أفضل للمواطن البحريني من جهة وتحقيق الأهداف الربحية لها من جهة أخرى؟
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 965 - الأربعاء 27 أبريل 2005م الموافق 18 ربيع الاول 1426هـ